التهريب إلى تركيا.. تجارة للجندرمة التركية ولـ"تحرير الشام" ومخاطر على المدنيين تكلفهم حياتهم
إدلب – نورث برس
حاول مئات السوريين على مدار سنوات الحرب من بينهم النساء والأطفال بشكل يومي عبور الحدود إلى تركيا بشكل غير شرعي وخاصة في محافظة إدلب، هرباً من مآسي الحرب وبحثاً عن لقمة العيش، ورافق ذلك تعرضهم لعمليات الاحتيال من المهرّبين والضرب والاستهداف من قبل حرس الحدود التركي.
كلفة التهريب
أحد المهربين، على الشريط الحدودي بالقرب من منطقة خربة الجوز والذي عرّف عن نفسه بـ "أبو الفوز"، يقول لـ "نورث برس"، إن كلفة التهريب تتراوح بين /450/ و الـ/2500/ دولاراً للشخص الواحد، وتأتي هذه الأسعار بحسب طريقة التهريب، "عادي" و"مضمون".
وأضاف أبو الفوز، إنه يأخذ /500/ دولار على الشخص الواحد، وذلك في حمولة التهريب "العادي"، ويكون ذلك عبر مجموعات، في كل مجموعة شخص دليل في الطريق، وتكون المجموعة ما بين /25/ و/35/ شخصاً، يحاولون اجتياز الحدود "خلسة" بعد الساعة الواحدة ليلاً، أو قبل طلوع الفجر.
وأكمل أنه غالباً ما تتعرض هذه المجموعات لإطلاق نار مباشر من قبل "الجندرمة" التركية، بالإضافة لاعتقال المجموعة، لافتاً إلى أن المجموعة بمجرد اجتيازها الحدود لا تستطيع الرجوع، حيث يقوم عناصر "الجندرمة" بحجزهم لأكثر من /12/ ساعة، ومن ثم تخلي سبيلهم.
طرق التهريب
وعن الطريق "المضمون" يقول أبو الفوز أنه يوجد عدة طرق مضمونة مختلفة، فمنها ما يتم بالاتفاق مع ضباط أتراك مناوبين، وأخرى مع عناصر الجندرمة ـالنقطة المناوبة ـ ويختلف سعر الأول عن الأخير.
وأكد أن الطريق بالاتفاق مع ضباط أتراك يكلّف /2000/ دولار، حيث يقوم الضباط بنقل الأشخاص بسياراتهم الشخصية أو بالسيارات العسكرية، وتكون النسبة الأكبر من هذا المبلغ للضابط التركي، وتكون حصة المهرّب بسيطة جداً، مشيراً إلى عدد الأشخاص الذين يدفعون هكذا مبالغ قليل جداً، ولا يتعدى الـ /30/ شخصاً شهرياً.
بينما الاتفاق مع عناصر "الجندرمة" المناوبين يكون بسعر يصل لنحو /1300/ دولار للشخص الواحد، حيث يقوم العناصر بإخلاء النقطة لمدة معينة "ساعتين أو ثلاث"، ويدخل في هذه المدة عشرات الأشخاص من بينهم نساء وأطفال.
وأشار أبو الفوز إلى أن جميع المهرّبين لا يأخذون الأجور حتى وصول المجموعة إلى منطقة (عينة) داخل تركيا، حيث تُوضع النقود عند طرف ثالث في الداخل السوري، ويكون ذلك من خلال اتصال الأشخاص بذويهم ليؤكدوا لهم أنهم وصلوا إلى المنطقة التي يريدونها، وعلى أساسه يتم تسليم المال للمهرّب.
دخول رسمي
أحد العاملين في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ "نورث برس"، أن بعض قيادات "هيئة تحرير الشام" وبالتعاون مع الجانب التركي يقومون بتأمين دخول أشخاصٍ بشكلٍ رسمي من المعبر إلى الجانب التركي، وتبلغ تكلفة هذه الطريقة /2000/ دولار أمريكي للشخص الواحد.
المبلغ المذكور سابقاً تتم مقاسمته ما بين الضباط الأتراك والقادة في "تحرير الشام"، إلّا أن الأشخاص الذين يدخلون بهذه الطريقة عددهم قليل، وذلك بسبب ارتفاع السعر، ما يجبر المئات على اجتياز الحدود بشكل غير شرعي، بالقفز من فوق الجدار الحدودي الفاصل.
يقول محمد الظاهر من شمال حماة لـ "نورث برس"، إنه حاول وأخوته الثلاثة الدخول إلى الأراضي التركية عدة مرات، وفي كل مرةٍ يحاول فيها الدخول يتم كشفهم من قبل عناصر "الجندرمة" التركية على الحدود.
وأشار إلى أنهم تعرضوا للضرب المبرح من قبل العناصر على الحدود، ومن بعدها تأتي دورية تركية تقوم بنقلهم إلى ساحة أحد الملاعب بالقرب من مدينة الريحانية، ويتم حجزهم بها لأكثر من /12/ ساعة، يمنع بها حديث أي شخص مع آخر. فضلاً عن قيامهم بإجبار الشباب على تنظيف ساحة الملعب بأيديهم وبطريقة مذلة، بالإضافة لجلب بعض الشباب لمكان ضيق ويتم بها إفلات الكلاب البوليسية على الشباب لتخويفهم.
"ما عاد اطلع على تركيا"
"لو بدي أشحد هون بسوريا ما عاد اطلع على تركيا" هذه الجملة يقولها محمد لأهله، بعد أن "ذاق الويل من الجنود الأتراك الذين وصفهم بالوحوش"، بالإضافة لتعذيبه أمام عائلته وإخوته، فضلاً عن عمليات النصب والاحتيال التي تعرضوا لها طول الفترة التي قضوها بالقرب من مدينة حارم.
وكانت قد تعرضت امرأة تدعى فاطمة خالد أزون، لإطلاق نار من الجندرمة التركية أثناء محاولتها عبور الحدود التركية السورية يوم أمس ما أدى لمقتلها فوراً.
وأفادت عدة مصادر عسكرية مما يسمى "قاطع الحدود" في "هيئة تحرير الشام"، أن الهيئة تنشر عشرات المخافر والنقاط في البلدات والمدن المجاورة للحدود السورية التركية، وعملها ليس حماية الحدود، بل عملية تأمين تهريب البشر كما يسميها قيادي "الهيئة".
حيث تقوم "هيئة تحرير الشام" بفرض مبالغ مالية على المهرّبين، والأشخاص الذين يتم تهريبهم، وذلك عن طريق قطع إيصال (ورقة فيها اسم الشخص واسم المهرّب) و يبلغ سعرها /25/ دولار للشخص، بالإضافة لمبالغ مالية تفرضها الهيئة على المهرّبين تصل من /25/ إلى /50/ دولاراً على كل شخص يتم تهريبه، وأشارت المصادر إلى أن مرابح الهيئة من قاطع الحدود تصل لأكثر من /100/ ألف دولار يومياً.
وبحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، فإن عدد القتلى السوريين برصاص الجنود الأتراك ارتفع إلى /447/ لاجئاً، بينهم /83/) طفلاً دون سن /18/، و /56/ امرأة) كما ارتفع عدد الإصابات بطلقٍ ناري أو اعتداء إلى /420/. وهؤلاء من الذين يحاولون اجتياز الحدود هرباً من الحرب المندلعة في سوريا منذ ثماني سنوات أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرمة بالرصاص الحي.