بعد إفلاس بنكيين أميركيين.. هل بدأ العد التنازلي للدولار وما مصير الليرة السورية؟

دمشق ـ نورث برس

ما زالت الليرة السورية تتهاوى أمام الدولار، رغم كل الضغوط التي يتعر ض لها الدولار بعد  إفلاس بنكين أميركيين هذا الشهر، هما “سيلكون فالي” و”سيغنتشر”، قبل أن يلحق بهما “كريدي سويس” السويسري.

ووصف اقتصاديون هذا الحدث بأنه مقدمة لانهيارات بنكية لا حقة، وبداية لانهيار الدولار، وتراجع سطوته، ومؤشر على حروب قادمة أقلها اقتصادية.

وربط البعض بين الأزمة العالمية التي حصلت في عام 2008، بسبب أزمة الرهن العقاري وانخفاض قيمة العقارات، والأزمة المقبلة 2023 بسبب انخفاض قيمة سندات الخزانة الأميركية.

ولكن يرى بعضهم أن الواقع العالمي مختلف من حيث أن الأزمة السابقة لم تجد من يملئ الفراغ بضعف الدولار ليحل محله، على عكس الظرف الحالي، الذي تبدو فيه كل من الصين وروسيا بجاهزية تامة لملء هذا الفراغ.

وتبين المعلومات أن سبب انهيار “بنك سيليكون فالي”، يعود إلى سحب المودعين لأرصدتهم، بعد تراجع قيمة سندات الدين الأميركية، نتيجة الارتفاع المستمر بأسعار الفائدة.

الليرة تتهاوى

وفي محاولة لمعرفة تأثير هذه الأحداث الاقتصادية على الليرة السورية، قال الخبير الاقتصادي معد المعلا، اسم مستعار، لنورث برس، إن “تأثير هذه الأحداث على الليرة السورية محدود، وذلك لعدم وجود احتياطات كبيرة بالدولار في المصرف المركزي”.

وبين “المعلا” أن عدم ارتفاع سعر الليرة يعود إلى سرعة انخفاض القوة الشرائية لليرة، بشكل أسرع بكثير من سرعة انخفاض الدولار.

وقال “المعلا” إن هذا لا يعني أنه لن يكون هنالك أي تأثير على الليرة، وبين أنه سيكون هنالك تأثير على سعر صرف الليرة السورية، لأن أي انخفاض بسعر صرف الدولار يعني ارتفاعاً بسعر صرف الليرة السورية، “ولكن النتائج لن تكون كارثية على الاقتصاد الوطني”.

مؤشرات واضحة

أضاف الخبير الاقتصادي، أن الآثار ستكون “كارثية” على الدول التي تمتلك سندات الخزانة الأميركية واحتياطياً كبيراً من الدولار، وهذا ينطبق على دول الخليج وبعض المصارف السورية الخاصة.

وأعرب “المعلا” عن اعتقاده أن التراجع في قيمة الدولار “لن يكون سريعاً، بل تدريجياً، وسيكون هنالك الوقت الكافي لاستبدال المدخرات بالدولار بسبائك من الذهب”.

ومن منطلق اقتصادي تحدث “المعلا”، عن العلاقة العكسية بين الذهب والدولار، إذ أن ارتفاع سعر الذهب عالمياً بشكل كبير هو مؤشر حقيقي على تراجع الطلب على الدولار، لأن المستثمرين  يفضلون الاحتفاظ بالمدخرات على شكل ذهب أكثر من الاحتفاظ بها كدولارات، ويستبدلون الدولار بالذهب، وهنا يزداد الطلب على الذهب مقابل تراجع الطلب على الدولار.

انتهى زمنه

أضاف الخبير المصرفي، ميشيل الصباغ، من القطاع الخاص، لنورث برس، أنه يتوقع أن الدولار انتهى كعملة عالمية، وأنهم بانتظار اللحظة التي سيتخذ فيها قرار إسقاطه نهائياً وليس تدريجياً. وقال إن “الصين هي من سيحدد مع شركائها الروس”.

وأشار أن هذا الأمر “قد ينتهي بشن حروب عالمية من قبل أميركا، لكي تقوم بهدم الدول التي يمكن أن تحل محلها”.

هذا الرأي لا يتفق معه مدير التسويق في شركة خاصة، الاقتصادي إياد علوش، حيث أكد أن “إفلاس بنك السيليكون يعود بشكل رئيسي لسياسة إدارته، وليس بسبب انهيار السوق، وقيمة السندات لا تتجاوز 55% من أصول البنك، وقيمة السندات في بقية البنوك المستقرة لا تتجاوز 30% من إجمالي الأصول”.

أضاف “علوش” أن الحكومة الأميركية تدخلت فوراً، وأعلنت أن أموال المودعون مضمونة سواء الودائع المؤمنة، أو غير المؤمنة.

الأمر الذي  أشاع الاستقرار بالسوق على عكس أزمة ٢٠٠٨، حيث لم يتم التدخل نهائياً.

وبين “علوش” أنه لا يرى حالياً كمتابع ومهتم “أي بوادر أزمة، أو انهيار سريع في الأسواق”. رغم أنه لم ينف إمكانية تزعزع قيمة الدولار على المدى البعيد، وتدريجياً، أما حالياً “فلن يحدث أي شيء”.

وما يؤكد خلاصته، حسب رأيه، أنه “حتى الدول التي لها مصلحة في إنهاء هيمنة الدولار كالصين واليابان ستتأثر كثيراً في انهيار الدولار، لأن كل هذه الدول اشترت سندات حكومية أميركية بالدولار”.

وعليه فإن استبدال الدولار بعملات أخرى يحتاج لوقت طويل جداً في حال تم العمل على ذلك بشكل صحيح.

خارج التأثير

وعن وضع المصارف السورية بين تلك الأحداث العالمية، قال خبير مصرفي لنورث برس، إن “ما يوجد في سوريا ليست مصارف، ولا مهنة مصرفية، وما يوجد هو عبارة عن جمع أموال لا يخضع لسياسات اقتصادية أو مصرفيه، وبالتالي لا يتأثر بما يحدث في العالم من إفلاسات بنكية”.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله