المقاتلون الأجانب شمال غربي سوريا.. ورقة تستثمرها تركيا تحرير الشام

إدلب ـ نورث برس

لا زالت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، تستثمر ملف المقاتلين الأجانب كورقة ضغط سياسية بالتنسيق مع تركيا وحربة قتال داخلية ضد قوات الحكومة والفصائل المعارضة، مستغلة العدد الكبير للأجانب واستحالة خروجهم من حدود سيطرتها.

وشهد العام ٢٠١٢ بداية دخول المقاتلين الأجانب نحو سوريا عبر الأراضي التركية قادمين من دول مختلفة، وتحت أنظار الاستخبارات التركية التي دعمت هذا التوجه من بدايته نحو فصائل وتشكيلات مختلفة أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة وجند الشام وجماعة التوحيد والجهاد.

كيف يتوزعون؟

مصادر خاصة من مكتب (المقاتلين الأجانب) قالت لنورث برس، إن عدد المقاتلين من جنسيات غير سورية “يزيد عن الـ7500 مقاتل” في إدلب، تحت راية أو موالين لهيئة تحرير الشام، “٦٢٠٠  تقريباً من الإيغور والقفقاز والطاجيك والشيشان، وهم الحربة القتالية الأبرز على جبهات مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، بينما الأجانب العرب وأكثرهم من شمال أفريقيا يشغلون مناصب إدارية وأمنية وعسكرية”.

أما فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب ممن تركوا الهيئة ورفضوا موالاتها في القتال أو حتى بالفكر فأعدادهم خارج الإحصاءات الرسمية، ويقيمون مع عائلاتهم ضمن بلدتي الفوعة وكفريا وسرمين بريف إدلب الشمالي الشرقي، وأيضا في منطقة أريحا وجسر الشغور وقرى متفرقة، وتحتوي سجون الهيئة على ٣٤٠ منهم، بحسب المصدر ذاته، بتهم الانتماء لـ”داعش” أو عمالة خارجية.

وذكر مصدر عسكري من العصائب الحمراء، التابعة لهيئة تحرير الشام، وهو التشكيل الأكثر دموية في صفوف الهيئة، إن صفوفه تضم “ما بين 900‪  إلى 1200 عنصر أجنبي من الشيشان والطاجيك وتركستان الصينية، إضافة لمغاربة وجزائريين وليبيين وعدد من العراق ومصر”.

وأبرز الفصائل الأجنبية الموالية لهيئة تحرير الشام (كتيبة البخاري التي تضم شيشان وإيغور، جماعة القوقاز الروسية، وأنصار التوحيد والجهاد أوزبك وتركمانستان ومغاربة ومن الخليج) إضافة لعدد من السوريين، جماعة الأوزبك وهي تضم أكثر من ٥٥٠ عنصراً.

ومن أكثر الفصائل الأجنبية الموالية لهيئة تحرير الشام، عدداً هو الحزب الإسلامي التركستاني، إذ يتألف من العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب وتحديداً من الإيغور، وهو مدعوم من السلطات التركية بشكل مباشر بسبب أصولهم التركمانية، كما يخضعون لدورات تدريبية وأمنية داخل الأراضي التركية ولهم مركز استشفاء في انطاكية ودخولهم إلى تركيا كان بتسهيلات منها أيضاً، بحسب المصدر.

وأشار المصدر لوجود فصيل إيراني تحت اسم “شباب السنة في إيران”، تحت قيادة “أبو محمد الإيراني” القيادي السابق في تنظيم “القاعدة” بأفغانستان، مع “أبو يحيى الأصفهاني الإيراني” أيضاً، أحد شرعيي هذا التشكيل الذي يضم 150‪  مقاتلاً إيراني تقريباً وهو فصيل تحت راية الهيئة على جبهات ريف إدلب.

تضم تحرير الشام ضمن مكوناتها الأجنبية قيادين بارزين في تنظيم القاعدة بباكستان وأفغانستان وأيضاً في العراق سابقاً، “لهم التأثير الأكبر على توجهات الجولاني العسكرية”، بحسب المصدر.

ومنهم “أبو أيوب المغربي”، أمير الحدود والمعابر وقيادي سابق في تنظيم “القاعدة” في باكستان قبل أن يتوجه إلى سوريا، و”أبو عبدالرحمن القحطاني” أحد شرعيي الجولاني الثقاة كان زميلاً لـ”أبي زيد الكويتي”، أحد قادة تنظيم القاعدة في أفغانستان و”أبرز تلاميذ أسامة بن لادن والظواهري”، ومنهم “مظهر الويسي” أبرز أعضاء مجلس الشورى في الهيئة، وعمل تحت راية تنظيم “داعش” خلال الأعوام 2013 و2014 ضمن ما يسمى “ولاية الخير” في دير الزور.

ومنهم أيضاً، “مصلح العليان” من “أشهر شرعيي الهيئة من المملكة العربية السعودية”، إلى جانب “عبدالله المحيسني” السعودي الجنسية و”أبرز المحرضين للجهاد” والذي يعمل حالياً في الخفاء من مكان إقامته في سرمدا شمال إدلب.

كما يتواجد ضمن صفوف الأوزبك أبو صلاح التركستاني وخطاب الشيشاني، اللذان يعتبران من تلاميذ سيف الله الجزراوي، أحد أمراء تنظيم “القاعدة” في أفغانستان خلال فترة حكم الظواهري، وأسماء كثيرة ممن قاتلوا تحت راية تنظيم “القاعدة” يتواجدون حالياً ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، “لكنهم لا يظهرون على الواجهة تخوفاً من استهدافهم”، بحسب المصدر.

أبرز استثمارات تركيا والهيئة

وأشار أبو شهاب اليمني، أحد المهاجرين العاملين في معبر باب الهوى شمال إدلب، إلى أن العناصر الأجانب “يعتبرون أبرز الاستثمارات لدى تركيا وهيئة تحرير الشام”.

إذ أنهم يستخدمون كـ”ورقة ضغط سياسي ضد الدول المعنية، وفرصة تسويقية لإظهار أن تركية تحمي العالم من إرهابيين عبر حصرهم في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، إضافة لرفع أسهم هيئة تحرير الشام أمام المجتمع الدولي عبر تنفيذها عمليات اعتقال لبعض المقاتلين الأجانب وتسليمهم لتركيا ضمن الملفات الأمنية المشتركة”.

وسلمت تحرير الشام، عبر جهازها الأمني، أكثر من 180‪  معتقلاً أجنبياً للسلطات التركية بناءً على تفاهمات مسبقة، غالبيتهم من جنسيات آسيوية وبعضهم من دول أوروبية، كما شاركت الهيئة الاستخبارات التركية بإحصائيات دقيقة عن جميع المقاتلين الأجانب وعوائلهم لاسيما ممن يعملون خارج ولاء أو راية الهيئة، بحسب المصدر.

وتحتكر هيئة تحرير الشام ملف المقاتلين الأجانب مع السلطات التركية، لتضمن أولويتها في الخطاب السياسي والعسكري أيضا في الوقت الذي تغيرت في التوجهات التركية إزاء “الثورة السورية” بكافة قطاعاتها وبدت أكثر ليونة مع حكومة دمشق وروسيا.

إعداد: هاني سالم ـ تحرير: قيس العبدالله