ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل يلتهم موائد السوريين في رمضان

دمشق ـ نورث برس

يترافق قدوم رمضان هذا العام، بوطأة تأمين المواد المطلوبة للإفطار، فقد اعتاد السوريون سابقاً على تحضير وجبات غنية بمكوناتها، لكن ما يحصل خلال هذا العام يختلف، والصعوبات وضيق الحال لا مثيل له في أي رمضان مضى.

إذ ارتفعت نسبة التضخم منذ حصول الزلزال لنهاية الشهر لأكثر من 25% حسب تصريحات اقتصاديين.

كل هذه الضغوط المعيشية لم تترافق بأي إجراءات حكومية لتحسين الدخل أو تخفيض الأسعار. ليبقى سؤال ماذا سيفطر الصائمون في رمضان 2023 بلا جواب؟

بالحبة

في جولة لنورث برس على أحد أسواق دمشق الشعبية (نهر عيشة)، حيث يلجأ السوريون إلى تأمين حاجاتهم قبل بداية رمضان بأيام كانت لوائح الأسعار توحي بالصعوبات التي سيعانيها الصائمون وغيرهم.

هنية شباط، سيدة أربعينية، كانت تتجول من مكان لآخر وهي تستعرض الأسعار، وتسأل عن تخفيضات كزكاة عن أولاد البائعين، لكن دون أن تجد متعاطفاً مع ما تطلبه.

تقول “شباط” لنورث برس، إن حالتهم في رمضان هذا العام لا تشبه غيرها من الأعوام، فقد اعتادت أن تتسوق الأجبان والألبان والبيض واللحومات قبل رمضان بأيام وتقوم بتجديد هذه الكميات في منتصف رمضان، لكن منذ أشهر طويلة لم يعد بإمكانهم أن يتسوقوا حتى بالكيلو، وأن المبالغ المخصصة لشراء الكيلوات من الخضار، أصبحت لا تكفي لشراء طبخة واحدة.

تضيف “شباط” أنها لا تعرف كيف ستتدبر أمور هذا الشهر، فهي لن تتمكن من شراء اللحمة نهائياً، ومن يجوع طوال النهار يجب أن يحصل على وجبات غنية ودسمة عند الإفطار كما تقول، وتضيف أن الحال يختلف عما كانوا “يمشون أمورهم فيه في الأيام العادية”.

طبخات محدودة

وتتوقع “شباط” أن تغيب الفاكهة نهائياً عن موائدهم، إذ أن كل ميزانية رمضان لن تكفي لتأمين أكثر من ثلاثة إلى أربعة أصناف سيتم التناوب على طبخها خلال رمضان، وكلفة أي منها لن تقل عن 20 ألف ليرة، مهما اختصرت وحاولت التقنين.

وفي استعراض لوائح الأسعار يتبين أن كيلو التمر للنوعية المقبولة يفوق 20 ألف ليرة، والأسوأ لا يقل عن 11 ألف ليرة، وكيلو الطحين 7 آلاف ليرة.

بينما وصل سعر كيلو العدس المجروش لإعداد الشوربات في رمضان إلى 12 ألف ليرة، وكيلو الرز المصري للأنواع المتوسطة وما دون 11 ألف ليرة.

في يحين وصل سعر جرزة البقدونس لأكثر من ألف ليرة، وكيلو الخس 3 آلاف ليرة.

تراجع كبير

عضو في لجنة الخضار والفواكه في سوق الهال بدمشق قال لنورث برس، إن من المشاكل الإضافية التي تساهم في ارتفاع أسعار الخضار والفواكه، هو أن قدوم رمضان يتزامن مع أواخر فصل الشتاء وقبل نضج الخضار الصيفية، الأمر الذي يساهم في مضاعفة أسعارها.

وأشار إلى أن الأسعار سترتفع أكثر في حال حصلت تقلبات في المناخ، وحصلت أمطار أو صقيع قد يحصل في شهر آذار/ مارس الحالي.

ولفت المصدر إلى تراجع الحركة كثيراً هذا العام عن مثيله من الأعوام السابقة قبل شهر رمضان، حيث كانت السيارات تخرج من السوق محملة بأطنان من الخضار والفواكه، وهذا لم يحصل هذا العام.

منتجون خاسرون

والمشكلة أن ارتفاع أسعار الخضار والفواكه في دمشق، لا يحقق مرابح مناسبة للمنتجين، حيث أشار أحمد صالح، صاحب بيوت بلاستيكية في جبلة، إلى أنه يبيع كيلو البندورة في سوق الهال بمبلغ لا يتجاوز 1500 ليرة في أحسن أحواله، بينما يجب أن لا يقل عن 3 آلاف ليرة ليغطي التكاليف الكبيرة، لأن سعر ليتر المازوت الحر لا يقل عن 10 آلاف ليرة، وهناك قائمة كبيرة من التكاليف المرهقة.

وأضاف “صالح” لنورث برس، أنهم “خاسرون هم والمستهلكون الذي يشترون كيلو البندورة في دمشق بما لا يقل عن 2500 ليرة، كفروقات أسعار تذهب لحلقات وسيطة، وإتاوات على الطرقات”.

وقال الاقتصادي زين زيدان، وهو اسم مستعار، لنورث برس، إن الإفطار فقط سيكلف الأسرة في حدوده الدنيا “أكثر من70 ألف ليرة، وهذا الرقم سيكون في تصاعد مستمر مع تذبذب سعر الصرف”.

وأشار الاقتصادي إلى أن تكاليف الطعام لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص تصل إلى نحو مليوني ليرة بالحد الأدنى، في حين كانت 30 ألف ليرة كافية لتأمين حاجات رمضان قبل الحرب. وأن الغذاء يستهلك أكثر من 60% من المعيشة، مع ارتفاع الأسعار والتضخم الكبير.

تصاعد مستمر

في حين أكد مصدر في حماية المستهلك ارتفاع الأسعار قبل رمضان بنحو 15%، وأن هذه النسبة ستتضاعف مع بداية رمضان خاصة لمواد مثل اللحوم بأنواعها، حيث وصل سعر كيلو العواس إلى أكثر من 70 ألف ليرة، وكذلك الأجبان والألبان والحلاوة وكل المواد التي اعتاد السوريون على استهلاكها في رمضان.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله