"بيت القصيد"…ملتقى لمثقفي وأدباء وشعراء الرقة يسعى أن يكون نواة لمهرجان سوري للكتّاب والأدباء
الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس
في مساء كل يوم أثنين يجتمع ثلة من مثقفين وأدباء وشعراء وهواة في القسم الخلفي من "مقهى النوفرة" القريب من "دوار النعيم" وسط مدينة الرقة في منتدى أطلق عليه مؤسسوه اسم "بيت القصيد".
"بيت القصيد" ملتقى أهلي أدبي ثقافي، لا يتبع لأي طرف أو جهة سياسية أو دينية، ولا يتعرض لهذا الأمور بالمطلق، فمن وجهة نظر الأدباء الذين يشرفون عليه ويلتقون فيه، "أن الطروحات السياسية والدينية هي من فرقت بين السوريين، وشتت شملهم، وباعدت بينهم".
وانطلق "بيت القصيد" مع انطلاقة "مقهى النوفرة" منذ قرابة شهرين بمبادرة أهلية جاءت فكرتها على أيدي مجموعة من الأدباء في الرقة.
فكرة حضارية لمدينة عانت من سيطرة تنظيم متطرف
وفي هذا التجمع الإسبوعي، تُعرض كل أشكال الفنون الأدبية من قصائد شعرية والقصص القصيرة والرواية والحكايا التاريخية والتراثية، ويتم مناقشة الحياة الثقافية في الرقة بشكل عام.
حيث اعتبرت الكاتبة ماريا العجيلي من سكان الرقة في حديثها لـ"نورث برس"، أن فكرة "بيت القصيد" فكرة حضارية كونها انطلقت بعد سنوات الظلام التي مرت على الرقة، في إشارة إلى حقبة سيطرة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" على المدينة.
وأشارت العجيلي، إلى أن "بيت القصيد" منتدى أدبي وشعري ولا يتم مناقشة السياسة أو الدين في أروقته، إذ تضمنت فعاليات يوم الإثنين المنصرم عرض قصيدة وطنية مغناة من كلمات ماريا العجيلي وألحان شادي الزبيدي، وأيضاً تم توقيع كتاب للأديبة والشاعرة هناء الصلال من الرقة.
وفي الفترة القادمة القريبة سيشهد "بيت القصيد"، انطلاق معرض للكتاب، وسيكون سابقة في مدينة الرقة التي عانت من الحرب والدمار، بحسب العجيلي.
إعادة الإعمار بالكلمة الأدبية
من جانبه أوضح إسماعيل الكدي وهو شاعر من مدينة الرقة، أن بيت القصيد هو فكرة قام مجموعة من أدباء الرقة على انضاجها لتكون فضاء للمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي في المدينة، وأنه لا أحد له سلطة على بيت القصيد، وأن القوانين الناظمة في هذا الملتقى تمنع على مرتاديه التعرض للطروحات الطائفية والسياسية والمذهبية، على حد قوله.
واعتبر الشاعر عبد المنعم الفريج، من سكان الرقة، أن "بيت القصيد" ليس مجرد مقهى عادي يرتاده الناس لتناول الشاي والقهوة، بل هو عبارة عن ظاهرة تستقطب أصحاب الأقلام والمواهب والملكات الأدبية من شتى أصقاع البلاد، وهو ليس حكراً على أهل الرقة فقط، بل مفتوح للجميع.
وتمنّى أن يكون "بيت القصيد" في يوم من الأيام، نواة لمهرجان يجمع أصحاب الأقلام من أرجاء سوريا.
ويستطرد الفريج "إن المدن التي تعرضت للتدمير مثل مدينة الرقة بحاجة إلى الكلمة لإعادة إعمارها، فإعادة الإعمار ليس بالمال ورؤوس الأموال فقط، فهي تحتاج أيضاً إلى نخبة من المثقفين والأدباء والشعراء يصنعون الكلمة ويجتذبون المثقفين وصنّاع الكلمة من كل مكان، فليس بالمال نعمر الرقة بل بالكلمة أيضاً".
منوهاً أنه بات من الضروري في هذه الظروف التي تعصف بالمنطقة أن ينشأ ملتقى حر مثل "بيت القصيد" ليعبر فيه الناس عن أفكارهم و ملكاتهم وابداعاتهم بكل حرية.
ولمن يعتلي منبر"بيت القصيد" مطلق الحرية في قول ما يشاء شريطة أن يتناغم مع المبادئ الأخلاقية والاجتماعية في المنطقة حسب تعبير الفريج.
الجدير بالقول إنه يقع في العاصمة السورية دمشق مقهى يحمل اسم "مقهى النوفرة" وهو من أقدم مقاهي دمشق، ويُعتبر بمثابة ملتقى لأدباء ومثقفي دمشق خاصة وسوريا عامةً.