السويداء ـ نورث برس
عانت أمل الأمرّين، حتى استطاعت شراء هدية، تتناسب مع مدخولها الشهري من وظيفتها الحكومية، لوالدتها بمناسبة عيد الأم، فكل الهدايا صارت تحسب بالدولار مع انخفاض قيمة الليرة السورية.
واعتادت أمل الحلبي (35عاماً)، وهو اسم مستعار لموظفة حكومية في مدينة السويداء، في كل عام أن تتبادل مع شقيقتها الهداية بمناسبة عيد الأم، لكن بسبب ارتفاع الأسعار، اقتصرت في هذا العيد على هدية لأمها.
فالهدايا التي تناسب دخل المواطن في الداخل السوري، أصبحت شبه مفقودة، في ظل ما تشهده البلاد من تدهور اقتصادي مع دخل شهري للموظفين (بمتوسط 150 ألف ليرة) لا يتناسب مع التضخيم الاقتصادي، إذ لا يتجاوز العشرين دولاراً شهرياً.
وبات الذهب مستبعداً من قائمة الهدايا عند معظم السوريين، كهدية بمناسبة عيد الأم، إذ تجاوز سعر الغرام الواحد منه الـ400 ألف ليرة.
واقتصرت هدايا الأمهات هذا العيد، على الملابس وأدوات المطبخ، بالرغم من أن أسعار الملابس لا تناسب الجميع، فأقلها يبدأ بـ150 ألف ليرة سورية، بحسب أصحاب محلات في السويداء.
وتشير “الحلبي” إلى أنه ورغم العروض المقدمة في المحلات التجارية بمناسبة عيد الأم، إلا أن أقل هدية تساوي نصف راتب موظف في مؤسسات الحكومة.
وتضيف: “فأسعار أدوات المطبخ من صحون وفناجين القهوة، والتي تفضلها الأمهات، كونها هدية لأفراد البيت جميعهم بدأت أسعار من 90 ألف ليرة، وتجاوزت أسعار أواني الطهي الـ 150 ألف ليرة للواحدة منها.
بينما حلقات أسعار الأدوات المنزلية الكهربائية واقترنت أسعارها بسعر صرف الدولار.
وتقول “الحلبي” بحزن، “أصبحت أمهاتنا ترفض هدية عيد الأم لعلمها أن أقل هدية تتجاوز الراتب الشهري. ومازالت حكومتنا تحدثنا عن الصمود، في حين الشعب كله أصبح خارج نطاق الحياة”.
طقوس تغيرت
ما يميز المجتمع السوري، هو التركيز على أهمية الأسرة، والاجتماعات العائلية في الأعياد، ومؤخراً في السنوات الماضية، وفي هذا العام تحديداً تغيرت طقوس الاحتفال بعيد الأم.
يستذكر سامر الخطيب (47عاماً)، اجتماعهم في بيت والدته هو وأشقائه وشقيقاته وإعدادهم للمأكولات الشعبية “كالمنسف السوري”.
ويقول “الخطيب” لنورث برس: “اليوم لتحضير هذه المأكولات تحتاج الأسرة لحوالي 500 ألف ليرة، فكيلو اللحم تجاوز 70 ألفاً، وأيضاً أسعار لحم الدجاج ارتفعت لأرقام غير مسبوقة فتجاوز الكيلو منها 35 ألف ليرة”.
ليقتصر اجتماع العائلة هذا العالم على “سهرة عائلية فقط”، بحسب قول “الخطيب”.
معاناة الغربة
وبينما تستعيد السيدة أم سامر، ذكرياتها بمشاهدة صورة أبنائها المغتربين في أوروبا، تقول بصوت يتخلله الحنين والحزن، “أعيش مع الذكريات، حياتي أصبحت على أمل عودتهم إلى البلد”.
وتتحدث أم سامر عن أن عيد الأم “أصبح غير مهم، رغم ما يرسله لها أبنائها من هدايا وذهب، إلا أنه لا شيء يعوض وجودهم بجانبي”.
ليبقى عيد الأم السورية بالنسبة للسوريين “مأساة بين الفقر أو التهجير”، بحسب ما ذكرت أم سامر.