شكل درعا بعد اثنى عشر عاماً من الاحتجاجات
درعا ـ نورث برس
تطوي الحرب الدائرة في سوريا عاملها الثالث عشر، بدون أي بوادر تشير إلى قرب انتهائها بسبب كثرة اللاعبين الدوليين في الملف السوري وسعيهم إلى تفريق السوريين وعدم المساعدة في جمعهم على نقاط اتفاق فيما بينهم.
محافظة درعا جنوبي سوريا، التي اندلعت منها شرارة الأحداث في الثامن عشر من آذار/ مارس عام 2011، وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة أعوام على سيطرة القوات الحكومية عليها بعد اتفاق دولي ودعم روسي وإيراني كبير للقوات الحكومية، لا تزال تشهد فلتاناً أمنياً وفوضى في كافة مفاصل الحياة.
فلتان أمني وانتهاكات
الصحفي والباحث حسام البرم المقيم في فرنسا، قال لنورث برس، إن الوضع العام في درعا بعد 12 عاماً من “الثورة” يشكل للمدنيين “حالة من التعب، ولكن لدى الثوار دائماً هناك أمل بالحل والتغيير الحقيقي”.
وأضاف “البرم” أن السكان في درعا ينتظرون بوادر أي تحرك دولي أو إقليمي باتجاه الحل في الملف السوري.
ويأتي هذا الترقب، في ظل أوضاع معيشية تمر بأسوأ حالاتها بسبب التضخم الكبير وانعدام كافة مقومات الحياة من محروقات ومياه شرب إضافة للخدمات الأساسية.
ورغم كل هذه المعاناة، إلا أن السكان في المحافظة، بحسب “البرم”، “لا ينشغلون عن فكرة انتظار تغيير بشكل مطلق للنظام”.
اقرأ أيضاً:
- درعا.. فلتانٌ أمني مستمر وسط تواجد قوات الحكومة وأذرع إيران
- بأعلى حصيلة منذ بداية العام 2023.. 15 قتيلاً بدرعا وريفها هذا الأسبوع
- “بسبب تجارة المخدرات”.. تطور الاشتباكات بريف درعا الشرقي
ومنذ سيطرة الحكومة على الجنوب السوري، والتسويات التي جرت خلال الفترات الماضية، إلا أن تلك السيطرة “لم تستطع إخماد الثورة، بل حافظت على تهدئة نسبية”، بحسب “البرم”.
وتعتبر درعا “رقماً مهماً” في الملف السوري، لموضعها الجيوسياسي على الحدود مع الأردن ومع الجولان السوري، “لذلك تسعى روسيا وإيران للسيطرة عليها، لتحصل بذلك على ورقة تفاوض قوية في الملف السياسي السوري وبالتالي في الملف الدولي”، بحسب الباحث السياسي.
وتهدف إيران من خلال سعيها للسيطرة على الجنوب السوري، “لاستخدامه كممر للمخدرات، وبذات الوقت للضغط على الدول من أجل الملف النووي.
ولم يشهد الوضع الأمني في درعا أي استقرار، بحسب “البرم”، لأن المرحلة الماضية تميزت بتوازن السيطرة بين أطراف الصراع في المحافظة.
وما خلق حالة عدم الاستقرار، هو محاولات الحكومة السيطرة على مناطق في درعا، وعدم تمكنها من ذلك.
بالإضافة إلى أن إيران سعت للتغلغل في المنطقة من قبل “ميليشيات المخدرات”، وسط رفض من قبل سكان المنطقة، ما أحدث ردود فعل عسكرية وأخرى أمنية تمثلت بعمليات الاغتيال والهجمات والاعتقالات.
درعا تقطع دابر “داعش”
شكلت عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى المحافظة، علامات استفهام كبيرة على الرغم من الانتشار الأمني المكثف للقوات الحكومية وأجهزة الاستخبارات التابعة لها وكثرة المتعاونين المحليين مع هذه الأجهزة.
قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أعلنت منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عن مقتل أبو الحسن الهاشمي القرشي زعيم “داعش” على يد مسلحين محليين في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي.
مصادر من المسلحين المحليين، قالت لنورث برس، إن عناصر التنظيم وصلوا إلى محافظة درعا “بعد تسهيل تنقلهم عبر الحواجز العسكرية التابعة لنظام الأسد والمليشيات المرادفة لها”.
وأضافت أن “عناصر التنظيم المتطرف كانوا ينوون الإعلان قيام إمارة بعد تجميع عدد العناصر وتأمين الأسلحة والعتاد اللازم لذلك”.
وأفادت المصادر إن الحرب على تنظيم “داعش” لم تتوقف على اجتثاثهم في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، بل استمرت في مطاردتهم في مدينة درعا والأحياء المحيطة بها وتم قتل عدد كبير منهم وتمشيط المنطقة بالكامل.
و أشارت إلى أن ن المسلحين المحليين، خاضوا المعركة ضد عناصر “داعش” بدعم من الأهالي “دون أي دعم من النظام السوري على العكس تماماً حيث كان يحد من حركة المسلحين المحليين في محافظة درعا”.
وشددت المصادر على أن المسلحين المحليين “مستمرون في ملاحقة عناصر التنظيم ويتم بين الحين والآخر قتل عناصره بعد ثبوت تورطهم بالعمل مع هذا التنظيم”.
ولا تزال المحافظة تعيش في حالة ضبابية للوضع فيها، مع تصارع القوى المتواجدة هناك على الاستحواذ عليها، وتحقيق مكاسب على حساب بعضها البعض.