الأرمن السوريون في أربيل.. بين صعوبات المعيشة والبحث عن موطن جديد

أربيل ـ نورث برس

تعيش العائلات الأرمنية  السورية حالة الشتات مرة أخرى، بعد أن أجبرتها الحرب في سوريا  عام 2011 على الهجرة إلى بلدان أكثر آماناً، فتوزّعت بين لبنان وكندا واستراليا، بعضها الآخر مازال في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، في انتظار السفر إلى الخارج، وبناء موطن جديد.

ورغم استقرار الأوضاع الأمنية في مدينة أربيل، إلا أن غلاء المعيشة يحاصر هذه العائلات، فلا تجد ملاذاً سوى كنيسة الصليب المقدس للأرمن الارذوذوكس، التي تقدم ما استطاعت من مساعدات.

استيبان إبراهيم، خسر زوجته، التي توفيّت منذ نحو عام، وأضحى وحيداً في مدينة أربيل، يقول لنورث برس: “سافرنا من حلب إلى دمشق بحثاً عن الأمان، ثم إلى بيروت، لكننا عجزنا عن تأمين تكاليف الحياة الباهظة في لبنان، فجئنا إلى أربيل”.

غلاء الإيجارات وتكاليف الخدمات يرهق “استيبان”، يشرح ذلك: “أعمل في إعداد اللحوم “البسطرمة الحلبية”، لكن عملي لا يكفي لتسديد إيجار المنزل والطعام والتنقلات، لذلك اعتمد على ما يرسله ولديّ من ألمانيا من نقود، وعلى ما تقدمه الكنيسة من مساعدات”.

والأرمن أقلية دينية، لجأت إلى سوريا، بعد الحرب العالمية الأولى، هرباً من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا بحقهم، استقرت هذه القلية في شمال سوريا بين حلب والحسكة، إلا أن الحرب السورية، دفعت الأغلبية العظمى منها إلى مغادرة سوريا، والهجرة مرة أخرى بحثاً عن موطن جديد.

ويقدّر عدد الأرمن في سوريا قبل الحرب بنحو 170 ألفاً، عاد بعضهم إلى الوطن الأم أرمينيا، بينما هاجر البعض الآخر إلى كندا واستراليا، لتخسر سوريا هذه الأقلية الدينية التي شكّلت على مدى عقود تنوعاً دينياً واجتماعياً ثرياً ومميزاً في مختلف المدن السورية.

وفضلّت العديد من العائلات الأرمنية، بعد نشوب الحرب في سوريا، العودة إلى بلدها الأم أرمينيا، إلا أن القسم الأكبر هاجر إلى أستراليا، خاصة أن أرمينيا لا تمتلك قوة اقتصادية كافية لتأمين فرص عمل لكل هذه العائلات السورية.

تقول ميري بابيك: “عندما قررنا السفر، كانت أرمينيا تخوض نزاع سياسي، مع جارتها أذربيجان، شعرنا بالخوف أن يتطور هذا النزاع، ونعود مجدداً للبحث عن مكان آمن، فجئنا إلى أربيل”.

وتضيف “بابيك” عن ظروف العائلات الأرمنية في أربيل: “نواجه صعوبات مرتبطة بقلة فرص العمل، تدني الأجور، ارتفاع تكاليف الحياة اليومية، خاصة الإيجار والخدمات، إضافة إلى حاجز اللغة، فالشركات هنا تطلب اللغة الكردية، من الصعب تعلّم لغة جديدة خلال فترة قصيرة”.

تلجأ معظم العائلات الأرمنية في أربيل إلى كنيسة الصليب المقدس للأرمن الأرذوذوكس، المخصصة للأقلية الأرمنية، التي تقدم بعض المساعدات.

تقول “ميري” إن “الكنيسة تتواصل معنا بشكل مستمر، تقدم مساعدات مادية وغذائية، خاصة خلال فترة الأعياد، قدمت الكنيسة كوبونات غذائية بالتعاون مع القنصلية الأرمنية في أربيل”.

“مارك كافي”، شاب أرمني من مدينة الحسكة، يعيش مع عائلته في مدينة أربيل منذ نحو ثلاثة أعوام، يعمل بمرتب مئتي دولار شهرياً، بينما تعمل والدته في مجال الخدمات.

يقول لنورث برس: “الحياة في أربيل آمنة، لكنها غالية، لا يكفي مرتّب واحد لتأمين مستلزمات العائلة، لذلك نلجأ إلى الكنيسة”.

يزور “مارك” الكنيسة أسبوعياً لتأدية الصلاة، والتعرّف على المجتمع الأرمني في العراق. يقول: “منذ قدومي بدأت البحث عن كنيسة خاصة بالأرمن، عندما وجدتها واظبت على زيارتها، لم أحصل بعد على مساعدات، لكن ستعطينا الكنيسة قريباً، فهي تقدم المساعدات لجميع العائلات الأرمنية في أربيل”.

إعداد: سهى كامل ـ تحرير: قيس العبدالله