مأساة اللجوء وحلم العودة وما بينهما من الحنين يُحفر على صخور قرب مخيمات دهوك
دهوك – نورث برس
يشد الحنين ذاكرة اللاجئين الواصلين لمخيمات دهوك في إقليم كردستان العراق، ذاكرتهم الحاضرة اليوم لتعيش مأساتها، فيما تسرقها اللحظات بأحاديث وخيالات عن الأيام الخوالي، تترجم لأفعال تجسّد هذا الحنين.
اللاجئون القادمون من مناطق العمليات العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، لا ينفكون يتجوّلون بين الهضاب المحيطة بمخيم "بردا رش" بإقليم كردستان العراق، وذلك في الأيام المشمسة، ويحفرون في متن صخور تلك الهضاب ذكرياتهم، ومأساتهم، وأسمائهم، وأسماء مدنهم.
"هي تعبّر عن اشتياقي لمنزلي ومدينتي"، يقولها قادر جميل النازح من مدينة رأس العين / سري كانيه، متحدثاً عن طرق حفر الذكريات على الصخور بمحيط مخيم "بردا رش"
لم يكن قادر وصحبه وكل الذين يقطنون معه في هذا المخيم، هو أول من يكتب، إذ كانت هذه الذكرى تجاور ذكرى آخرين تهجّروا من منازلهم بفعل العملية العسكرية التي جرت في الموصل العراقية.
نازحو الموصل قطنوا في مخيم "بردا رش" منذ العام 2014، وبقوا فيه أكثر من /3/ سنوات، وتركوا عند عودتهم لمدينتهم ذكرى شهدها اللاجئون الجدد من مناطق شمال وشرقي سوريا.
الموصليون أو كما يسمون أنفسهم باللهجة العامية "المصلاوية" نقشوا رسوماً دلّت على طوائفهم ومذاهبهم، في الوقت الذي حفر فيه اللاجئون من مدن شمال شرقي سوريا، أسماءهم في الصخور بلغتهم الكردية ويقول جميل: "مأساتنا متشابهة، فهم هُجّروا من قبل مسلحي داعش، ونحن هُجّرنا من قبل فصائل متشددة ومن الدواعش القادمين معهم".
ويحفر اللاجئون أسماء مدينتي رأس العين / سري كانيه وعفرين في الصخور، ويضيف جميل "إنهما أٌحُتلا من قبل الغرباء، ونحن نحتفظ بأسماء المدينتين في قلوبنا، ونحفرهما في الصخور".
ويمضي الفتى عمر البالغ من العمر /15/ عاماً جلّ وقته متجولاً بين الهضاب المحيطة بمخيم "بردا رش" الذي نزل فيه بصحبة أسرة عمه، لاجئاً، بعد هروبه من مدينته رأس العين، حيث مناطق العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا.
في حين يعتبر عمر لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ضمن تعداد الأطفال الغير مصحوبين مع أسرهم إلى المخيم.
ويتواجد في مخيم "بردا رش" أكثر من /2000/ طفل غير مصحوبين مع أسرهم، وسجلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مركز التسجيل والخدمات العائد للمفوضية، أعداد الأطفال اللاجئين الغير مصحوبين مع أسرهم.
وذكرت المفوضية في بيان سابق لها، بأنً عدد الأطفال غير المصحوبين مع أسرهم بلغ /22%/ من /11.640/ لاجئاً في مخيم "بردا رش"، وذلك وفقاً لإحصائية 26 تشرين الأول / أكتوبر الماضي.
ويقول الفتى عمر لـ"نورث برس": "لجأنا إلى هذا المخيم منذ أكثر من شهرين، ومنذ اليوم الأول لا أستطيع الجلوس والبقاء طوال النهار في المخيم، فأتجول بين الهضاب حتى المساء".
ويغني عمر طوال النهار أغاني حزينة، يصدح صوته المرتفعات والوديان، ليتابع قوله: "أغني لشوارع وأشجار وينابيع مدينتي، أغني لأصدقائي وذكرياتي، وأحفر اسمائهم في الصخور".
بعد أن تعرّضت مدينة رأس العين للقصف من قبل الجيش التركي وفصائل المعارضة المتشددة، فرّ الفتى عمر برفقة أسرة عمه إلى إقليم كردستان العراق؛ كونه فقد أمه منذ الصغر، وبقي والده هناك يرفض الابتعاد عن بلدته.
فيما يذكر أن أكثر من /350/ ألف من مناطق العمليات العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا إلى داخل مدن الجزيرة.
كما هاجر ما يقارب /17/ ألف شخص إلى إقليم كردستان العراق، واستقر منهم ما يقارب /12/ ألف شخص في مخيم "بردا رش"، فيدوّنون مأساتهم حفرا في الصخور، بانتظار ساعة العودة.