منبج – نورث برس
أُجبرت فاطمة، على مغادرة شقتها إلى منزل عربي بعد توقف سد تشرين عن العمل وانقطاع التيار الكهربائي عن مدينة منبج، نتيجة خوف أطفالها من الظلام وحدوث الزلازل وعدم قدرتهم على الهروب في العتمة، وعلاوة على ذلك عدم وصول مياه الشرب إلى منزلها الطابقي.
تقول فاطمة منصوري، (45 عاماً) نازحة من مدينة دمشق ومقيمة في منبج، وهي أم لأربعة أطفال، بأن توقف سد تشرين عن العمل وانقطاع التيار الكهربائي في منبج بمثابة “خربان البيت” على حد وصفها.

وفي الأول من آذار/ مارس الجاري، أوقفت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تشغيل سد تشرين على نهر الفرات في منبج، شمالي سوريا، بسبب انخفاض حاد في الوارد المائي من تركيا.
ويزيد انقطاع الكهرباء في معاناة “فاطمة”، بإيصال مياه الشرب إلى منزلها بواسطة “السنتر فيش”، خاصة أنها لا تملك مولدة كهربائية أو حتى اشتراك أمبيرات في الحي الذي تقطنه.
وتتمنى أن تأتي الكهرباء لمدة ساعتي وصل في اليوم فقط، إذ ترى أن تلك المدة كافية لتعبئة المياه، وإيصالها للطابق الثالث وشحن الجوالات وبطاريات الإنارة.
وتتخوف “المنصوري”، من استمرار انقطاع التيار الكهربائي أكثر من أسبوع، في ظل الحاجة الماسة لها، لا سيما في ظل ما تمر به المنطقة من هزات أرضية، حيث يُزيد الظلام مخاوفها وسكان منبج.
وفي وقت سابق، قال عماد عبيد، وهو إداري في الإدارة العامة للسدود، إنهم سيوقفون العمل في سد تشرين وفق برنامج مدروس من قبل الإدارة العامة للسدود والمؤسسات المعنية.
وتأثرت كل من منبج وكوباني والرقة بالإضافة لمناطق تسيطر عليها قوات حكومة دمشق، بتوقف العمل في السد، وما تسبب به من انقطاع الكهرباء على سكان تلك المناطق.
في الأثناء، يقف أحمد عاطلاً عن العمل، في محله الخاص بصناعة القهوة سريعة التحضير وبيعها، بسبب انقطاع الكهرباء في حيه منذ أكثر من شهر لتوقف مولدات الأمبيرات عن العمل، وزاد الانقطاع الأخير لكهرباء السد أو ما يسمى محلياً “كهرباء الشركة”، من معاناته.
يقول أحمد العلي (39 عاماً)، وهو من سكان مدينة منبج ورب أسرة من ستة أفراد، إن عمله تراجع بشكل كبير خلال شهر مضى، ما أدى لتراجع مدخوله “بشكل كبير”.
وبات الآن، يدفع نحو نصف مدخوله ثمناً لوقود مولدة الكهرباء لديه، حيث تحتاج إلى 30 ألف ليرة يومياً في أدنى جهد لها، ويضاف لها إيجار المحل الذي يعمل فيه.
ونتيجة انعدام الكهرباء لديه، اضطر لإيقاف بعض الآلات في المحل، وإيقاف عامل عن عمله، لتراجع مدخوله وعمله، وفي حال شغّل كل الآلات سيترتب عليه مصاريف باهظة ثمناً للوقود ونفقات الإصلاح.
ويشير الرجل إلى أن أصحاب المحال التجارية في سوق منبج لم يتأثروا بانقطاع التيار الكهربائي، حيث أن غالبيتهم يعتمد على المولدات والكهرباء التجارية، من مولدات الأمبيرات.
وأصدرت الإدارة الذاتية قراراً يقضي بإيقاف سد تشرين عن العمل لمدة أسبوع، بدءاً من 1ولغاية 7 من آذار/ مارس الجاري.
وقالت الإدارة العامة للسدود، إن قلة الوارد المائي أجبرتهم على ذلك، في ظل العمل على أولوية تأمين مياه الشرب والري وإنقاذ الموسم الزراعي، في شمال شرقي سوريا.

وكما حال سابقيّه، تأثر إبراهيم بتوقف سد تشرين عن العمل وانقطاع التيار الكهربائي عن مدينة منبج، وزاد ذلك من معاناته في المنزل والعمل.
ولم يعد لدى إبراهيم العيسى (62 عاماً)، وهو من سكان مدينة منبج، القدرة على تأمين المياه لمنزله أو شحن أدواته الخاصّة، كما أن بعض المواد الغذائية في البرادات تلفت ولم تعد صالح للأكل، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
ويرى “العيسى” أن العبء عليهم سيكون أخف لو أُنذروا مسبقاً بقطع التيار وتوقيف السد عن العمل، كما أن تقليل ساعات الوصل لحدودها الدنيا كان من الممكن أن يكونوا بـ “وضع أفضل”.
ويشير سكان منبج أن بعض الأحياء والمحال التجارية ممن يمتلكون اشتراك أمبيرات وخطوطاً تجارية، لم يتأثروا بشكل كبير، بعد توقيف سد تشرين عن العمل وقطع التيار.
ورغم ما سبق ومعاناة السكان، تستمر تركيا، منذ شباط/ فبراير 2020، بحبس مياه نهر الفرات عن سوريا مخالفة بذلك اتفاقية المياه الأممية الموقعة عام 1987 بإشراف الأمم المتحدة، والتي نصت على أن حصة سوريا والعراق 500 متر مكعب من المياه في الثانية، أما الآن لا تصل إلى الأراضي السورية سوى 200 متر مكعب، أي ما يعادل أقل من نصف الكمية.