السويداء عطشى.. أزمة المياه تتفاقم في السويداء ومخاوف من الأسوأ
السويداء ـ نورث برس
تخجل روان وهي معلمة في مدرسة بالسويداء، من تنبيه تلاميذها في الصف على ضرورة الاستحمام لأكثر من مرة في الأسبوع، فبيوتهم تفتقد للمياه أصلاً.
تتساءل روان رضوان (38عاماً)، اسم مستعار لمعلمة من مدينة السويداء، “كيف يمكن العيش في بلد أصبحت مياه الشرب فيه تباع وتشترى، التنظيف والاستحمام تحول لنوع من الرفاهية، بالإضافة لمحسوبيات وفساد في مؤسسات المياه؟”.
وتعاني ”رضوان” حالها كحال معظم سكان قرى وبلدات السويداء، من تأخر دورهم في وصول المياه لمنازلهم، فبعض المناطق لا يصلها الدور لأكثر من ثلاثة أشهر، وفي أحياء المدينة لا تأتي المياه سوى مرة واحدة في الأسبوع لساعة واحد فقط.
وتقطن المعلمة في حي مفرق كناكر داخل مدينة السويداء، وتضطر لشراء المياه من صهاريج خاصة، ويقدر سعر الصهريج سعة 25 برميل بحوالي 75000 ليرة في حين راتبها الشهري لا يتجاوز 150ألفاً.
أين المشكلة؟
الطبيعة الجغرافية التي تتمتع بها محافظة السويداء، جعلها تترنح على مسطح لمياه جوفية وفيرة، وتتوزع فيها مئات الآبار الارتوازية، (من آبار مدينة السويداء إلى آبار الثعلة وسهوة البلاطة غرباً، وصولاً إلى آبار صلاخد في منطقة شهبا شمالاً، وآبار الدياثة شرقاً إلى آبار القريا وذيبين جنوباً وآبار خازمة التابعة لمنطقة صلخد في الجنوب الشرقي للمحافظة، وتعاني معظمها من الأعطال.
ولكن وبحسب سكان فإن “الفساد الذي أصبح عنواناً للمؤسسات الحكومية في السويداء”، حرمهم من التمتع بخيرات تلك المنطقة، بما فيها المياه.
وتلقي وزارة الكهرباء، التي لا تؤمن خطوط تغذية ذات ترددات مناسبة لاستخراج المياه من الأعماق الجوفية، اللوم على وزارة ومؤسسات المياه، التي تتاجر في مناقصات الغطاسات للآبار، وترد الأخيرة بتحميل الأولى مسؤولية عدم وصل الكهرباء، ليبقى الضحية السكان الذين يضطرون لدفع المزيد من الأموال لشراء بضعة براميل من المياه.
وشدد سامر الخطيب (45عاماً) اسم مستعار من سكان مدينة شهبا شمالي السويداء، في حديث لنورث برس، على أن جميع الأعطال التي تتذرع بها مديرية المياه، من ضعف في الكهرباء إلى أعطال في الغطاسات التي تؤدي إلى توقف الآبار عن العمل، “كلها نهب وسرقة للمال العام”.
ويحتاج استخراج المياه من الآبار، إلى غطاس بقوة تصل من 100 إلى 125حصان، “ولكن مؤسسة المياه لا تضع سوى غطاسات بتدفق 75حصاناً، فيتعرض البئر للأعطال بشكل متكرر، وهنا تكمن السرقة بمناقصات لإصلاح غطاسات حتى بعد الإصلاح لن تعمل”، بحسب “الخطيب”.
وتبرر الحكومة السورية الخلل، عبر تصريحات من مصدر مسؤول في مؤسسة مياه السويداء، لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إذ أشار إلى “وجود اختناقات كبيرة لمياه الشرب على مساحة المحافظة”، وعزا ذلك إلى “الأعطال التي لحقت بآبار ومحطات المياه المغذية للمدن والبلدات والقرى”.
ولفت إلى “افتقار مستودعات المؤسسة للتجهيزات من غطاسات وأنابيب وكابلات، إضافة للتأخر الذي يحصل في عقود الصيانة، إذ أبقى ذلك أكثر من 60 بئراً ومحطة خارج الاستثمار على مستوى المحافظة”.
وتطرق لذكر سبب آخر وهو أن ساعات تقنين الكهرباء الطويلة تزيد من أزمة المياه، إذ تؤثر على عمليات الضخ.
تخوف من الأسوأ
مع قرب انتهاء فصل الشتاء، وقلة الهطولات المطرية والسدود شبه الجافة، يتخوف سكان السويداء من تفاقم أزمة المياه، مع اقتراب فصل الصيف والحاجة الزائدة في استهلاك المياه.
وفي ظل ذلك يبحث السكان عن حلول لهذه الأزمة بمعزل عن الحكومة، وكأنهم تحولوا إلى مركز المسؤولية لتأمين الخدمات الواجبة على مؤسسات الحكومة.
وأشار أحمد عامر من سكان قرية المتونة في الريف الشمالي للسويداء، إلى قيام المجتمع المحلي في القرية مجمع تبرعات، لإنجاز مشروع جرِّ كهرباء عبر الخط الذهبي “المعفى من التقنين” لتغذية بئر مياه الشرب.
ويقول “عامر” لنورث برس، إن “المجتمع المحلي والحلول الفردية، تحولت لمنقذ للسكان في بلد اقتصر دور حكومته على قمع أصوات الاحتجاجات المطالبة بأبسط الخدمات المعيشة من مياه وكهرباء”.