بازار الجمعة بالرقة…سوق يجمع الباعة والمتبضّعين من الدخل المحدود في زمن ما بعد الحرب

الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس

 

يُعتبر سوق الجمعة في الرقة من أكثر الأسواق الشعبية التي يرتادها الناس في الرقة وخاصة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة, وذلك لانخفاض أسعار البضائع الموجودة فيه والتي تتنوع ما بين الجديد والمستعمل والخردوات.

ويقوم الباعة بعرض بضاعتهم في سوق الجمعة منذ فجر كل يوم جمعة حتى فترة العصر في الكورنيش الجنوبي لمدينة الرقة المحاذي لنهر الفرات والممتد من شرقي الجسر القديم غرباً إلى سوق الهال شرقاً. 

هذا ما كان عليه واقع سوق  الجمعة قبل موجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية مؤخراً، ولكن الآن أصبحت أسعار البضائع فيه مقاربة لسعر البضائع الموجودة في باقي أسواق الرقة.

 

"الحرب دمرت كل شيء "

 

يذكر حسين الهلال(55  عاماً) من الرقة، لـ"نورث برس"، أنه لم يتوقع أن يصل به الحال إلى بائع خردوات في سوق الجمعة في الرقة.

كان الوضع المادي لهلال جيداً قبل الحرب، حسب قوله, ولكن نتيجة قصف طائرات التحالف الدولي، تدمر بيته وبقاليته، وهو الآن يعيش في خيمة هو وأفراد عائلته.

 ومما زاد في الطين بلة قيام عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) قبل هزيمتهم في الرقة بحرق سيارته، حسبما يقول.

ويقوم الهلال بجمع الخردوات بشكل أسبوعي ليبيعها في سوق الجمعة كل يوم جمعة، لتأمين قوته اليومي, إضافة لبعض المساعدات التي يتلقاها من المنظمات، ولا يمتلك الهلال المال الكافي لإعادة ما دمرته آلة الحرب.

 

"بائع الفول"

 

من جانبه يعتبر دريد العلي (37 عاماً) وهو نازح من دير الزور، ويعمل بائع فول في سوق الجمعة، أن "الوضع في الرقة ممتاز"، فمهنة بيع الفول تدر عليه أرباحاً تغطي مصاريف معيشته وعائلته لولا ارتفاع أجور المعاينات الطبية وغلاء أسعار الأدوية في الصيدليات, حسبما يقول.

لم تكن مهنة بيع الفول المهنة الأساسية لدريد، فهي مهنة طارئة اضطر للعمل بها بعد نزوحه للمرة الثانية من مخيم عين عيسى إلى الرقة, أثناء هجوم الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة التابعة له, فقد كان قبل الحرب يعمل حمالاً في سوق الهال في الميادين.

 

" الحصول على وظيفة"

أما صفاء الدين الصالح(47 عاماً) من مدينة الرقة, كان يعمل خياطاً نسائياً لمدة/30/ عاماً ولكن الحرب دمرت محله، ولم يتبقى أي شيء من مستلزمات عمله.

 وبعد أن يأس الصالح من الحصول على عمل وظيفي في المجالس والمؤسسات التابعة لإدارة شمال وشرقي سوريا ومنظمات المجتمع المدني، اضطر مؤخراً للعمل في سوق الجمعة بمهنة ببيع الأغراض المستعملة في سوق الجمعة في الرقة ليؤمن مصاريف معيشته وتكاليف دراسة أطفاله.

ويصف صفاء حركة البيع والشراء في سوق الجمعة في الرقة بأنها "ضعيفة" خاصة بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار.

من جانبه يعتبر محمد العلي(30  عاماً) وهو معلم مدرسة في مدينة الرقة، أن الأسعار في سوق الجمعة "جيدة" قياساً بأسعار المحلات.

ويأتي العلي إلى سوق الجمعة لشراء ثياب لأطفاله ومستلزمات عائلية له ولزوجته.

ويشتكي محمد غريب كنجو( 35 عاماً) الذي يعمل بائع أدوات مستعملة في سوق الجمعة، من سوء معاملة الموظفات في منظمة "كونسيرن", إحدى منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقة، واصفاً أسلوبية تعاملهن بالفوقية والمماطلة على حد تعبيره.

وتعنى منظمة "كونسير" بتوزيع قسائم للأغذية والمستلزمات المنزلية على أهالي الرقة المنكوبين, إلا أن كنجو يرى إنهم يدعمون الأغنياء ويغضون الطرف عن الفقراء, ويتساءل "لماذا يتم دعم الأغنياء وأصحاب السيارات من قبل منظمات المجتمع المدني في الرقة في حين أن الفقراء لا يتم مساعدتهم؟!"

ويضيف كنجو أنه يعيش أوضاعاً مادية مزرية، ويعيل أسرته المكونة من ثمانية أشخاص ولا يمتلك إلا دراجة ذات ثلاث عجلات يأتي كل يوم جمعة ليقوم ببيع الأدوات المستعملة عليها في سوق الجمعة في الرقة.

ويطلب كنجو في نهاية حديثه أن يتم الكشف ميدانياً من قبل منظمة "كونسيرن" على المنزل الذي يسكن فيه، فهو مسقوف بالتوتياء حسبما يذكر.

وقبل أربعة أشهر تقريباً كان موقع سوق الجمعة في الرقة في الجهة الشمالية من المدينة بمحاذاة سور الرقة الأثري، ولكن بعد أعمال الترميم التي يشهدها السور الأثري تم تحويله إلى الجهة الجنوبية من المدينة، بحسب رئاسة بلدية الشعب في الرقة.