في جنديرس.. المساعدات لا تصل إلى مستحقيها وسرقات على مرأى النظر

عفرين نورث برس

يستغرب يوسف حمشو ( 70 عاماً) وهو من سكان بلدة  جنديرس بريف عفرين شمالي حلب، من كمية المساعدات الكثيرة التي دخلت على المنطقة، لكن دون أن تصله حصته.

ويتساءل: “رغم وجود عدد كبير من المنظمات في المنطقة، لماذا يغيب نظام توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين؟”.

ويقول في حديث لنورث برس: “البعض يحصل على أكثر مما يحتاج، في المقابل تجد آخرين لم يحصلوا عليها أبداً”.

ويشير الرجل لوجود حالة فوضى كبيرة، “لا يوجد أحد تشكو إليه وتتحدث معه؛ المئات يتراكضون وراء السيارات المحملة بالمساعدات، لكن ليس بمقدوري فعل ذلك كالآخرين”.

وفجر السادس من شباط/ فبراير الجاري، ضرب زلزال بقوة 7.7 على مقياس ريختر، جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وخلف آلاف الضحايا وانهيار مئات المباني السكنية ليغدو سكانها مشردين ودون مأوى.

توزيع عشوائي

يقول أسعد العلي (44 عاماً) وهو من سكان بلدة جنديرس، إن المساعدات “لا تصل لمستحقيها”.

ويستذكر “العلي” قصة صغيرة حدثت على مرأى منه، ويقول بلهجته المحلية: “في واحد راكب ماتور، شال الحصة اللي أخدها من المنظمة وراح باعها لمحل سمانة”.

ويطلب الرجل من المنظمات والقائمين على توزيع المساعدات أن “يقوموا بتوزيعها وفقاً لدفتر العائلة أو الهوية الشخصية”. فبحسب اعتقاده، هذه العملية ستضمن حصول الجميع على حصتهم بشكل عادل.

ويشير إلى أن “المتضررين لا يستفيدون من التوزيع العشوائي”.  

“لم يصلهم إلا القليل”

على الرغم من مرور 17 يوماً على الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمالي سوريا، لم يتلقى خلالها الأربعيني صهيب النايف وهو من سكان جنديرس، إلا سلة إغاثية واحدة لا تزيد قيمتها عن 10 دولارات.

يقول صهيب النايف (43 عاماً)، لنورث برس، إن “المساعدات التي وصلت إلى جنديرس تكفي عشرات آلاف، وربما لمئات الآلاف من السكان، لكن الذي وصل للمستحقين ليس إلا القليل”.

وتسبب الزلزال بدمار كبير في منزله، “الواجهات وحتى السقف تصدع بشكلٍ كبير، وباتت المياه تدخل إلى معظم الغرف على الرغم من كونه منزلاً عربياً”.

ويشير “النايف” إلى أن عائلته تقيم في منزل أحد أقاربه في بلدة كفرصفرة المجاورة كون المنزل “لم يعد صالحاً للسكن، وأنا وابني الأكبر بقينا في المنزل لحماية ما تبقى منه خشية تعرضه للسرقة، وعلى أمل أيضاً أن يأتي أحد لتقديم المساعدة”.

فيما يصف سردار حمشو (52 عاماً) وهو من سكان جنديرس، الوضع بـ”الكارثي” بالنسبة للمساعدات الإنسانية التي دخلت بكميات كبيرة، “أجلس مع أقاربي وجيراني المتضررين طيلة النهار أمام ما تبقى من المبنى الذي نعيش به، نشاهد المساعدات كيف توزع على الأشخاص غير المتضررين”.

ويضيف “حمشو”، “في الحقيقة هذا الشيء آلمنا أكثر من الزلزال نفسه، إذ ترى حقك يذهب إلى أحد آخر، ولا تستطيع أن تتكلم بكلمة واحدة، لكن لا يسعنا أن نقول سوى لله نشكو قلة حيلتنا”.

سرقة المساعدات

ذهب فادي عنجاري (38 عاماً) وهو من مهجري ريف حلب في بلدة جنديرس، يتحدث عما حصل أمام عينيه خلال فترة تواجده أمام المجلس المحلي التابع لتركيا أثناء تقديمه طلب الحصول على خيمة كون منزله لم يعد صالحاً للسكن.

يقول “عنجاري” لنورث برس: “بأم عيني شاهدت شخصاً أعرفه جيداً يعيش في بلدة أطمة بريف إدلب المجاور، استلم المساعدات المتنوعة ومن بينها خيمة عدة مرات ومن عدة منظمات من المجلس المحلي”.

وفي كل مرة كان يحمل هذا الشخص ما استلمه في سيارته ويذهب به إلى أطمة “من أجل بيعه هناك ومن ثم العودة إلى جنديرس ليستلم من جديد”، بحسب ما يروي “عنجاري”.

ويضيف: “أحد أقاربي أكد لي أن ذلك الشخص على هذا الحال منذ اليوم الثاني للزلزال، إذ أن معرفته الجيدة بأحد المسؤولين في المجلس جعلته المستفيد الأول في أي شيء يأتي للمنظمة وتقوم بتوزيعه”.

عدد المنظمات التي دخلت جنديرس خلال الأيام العشر الأخيرة، يزيد عن 50 منظمة وجمعية و فريقاً تطوعياً، قدمت عشرات الأطنان من المساعدات، “لكن للأسف أكثر من 80 بالمئة مما وزع لم يصل للمستحقين بل وزع لغيرهم”، بحسب “عنجاري”.

إعداد: مؤيد الشيخ – تحرير: فنصة تمو