أزمة بنزين في السويداء تثقل كاهل السكان والمنتظرين بأعباء جديدة تضيّق معيشتهم
السويداء – جبران معروف – نورث برس
عاد من جديد مشهد اصطفاف السيارات أمام محطات الوقود في السويداء، ضمن أرتال طويلة لعدة ساعات، بانتظار أن تحصل كل منها على مخصصاتها من الوقود، الذي لا يكف غالبية السائقين عن الحديث حول سوء نوعيته، ما يحملهم أعباء مادية كبيرة مقابل إصلاح الأعطال التي تلحق بسياراتهم، دون أن يكون أمامهم أي خيارات أخرى.
وقال علاء خير (32 عاما)، سائق سيارة أجرة من السويداء، في حديث مع "نورث برس": "عدنا كما كنا عليه في الشتاء الماضي، نقف ساعات أمام محطة البنزين، مازلت أشعر بالبرد في عظامي كما أشعر به اليوم، وأنا أنتظر في سيارتي منذ الساعة الثالثة فجرا، إلى أن تبدأ المحطة التوزيع في الساعة الثامنة صباحا".
ويردف قائلاً: "خلال عملية التوزيع عليَّ أن أتحمل جميع من يحاولون تجاوز أدوارهم والسيارات التي تدخل من الباب الآخر لتملأ خزان وقودها وتغادر، دون أن أعترض وإلا قد أتعرض أو تتعرض سيارتي لإطلاق نار أو قنبلة".
وأضاف مستدركاً "المشكلة والقهر أن تصل إلى عامل المحطة ليخبرك أنه لن يملأ لك خزان سيارتك سوى بـ/16/ لتر بنزين فقط، عقب كل ذلك الانتظار، بحجة أنه ليس لديه كمية كبيرة من الوقود، ويريد أن يوزعها على أكبر عدد ممكن من السيارات، وكأني لا أرى تلك السيارات التي تدخل دون أن تنتظر على الدور، أو العبوات البلاستيكية التي تتسع لـ/25/ لتراً".
وتابع "بعض الأحيان أضطر لقطع مسافة /40/ كيلومتراً، لأحصل على البنزين، ورغم أن هذا يجعلني أستهلك جزءاً من البنزين إلا أنها تبقى أوفر من أن أشتري لتر البنزين بـ/400/ ليرة سورية، في حين أن ثمنه الرسمي /225/ ليرة".
من جانبه، قال أبو محمود منصور (44 عاما)، سائق سيارة بيك أب صغيرة، في حديثه لـ"نورث برس": "مخصصات السيارة /100/ لتر في الشهر، لأنها سيارة خاصة، ولكنها مصدر رزق عائلتي الوحيد، وطبعا هذه الكمية لا نحصل عليها إلا بعد طول انتظار أمام محطة الوقود".
وأضاف بأن توزيع البنزين دائماً يكون عقب الساعة الثامنة صباحاً، ما يعني "أن ذلك سيسرق مني يوم عمل، ونحن من الناس الذين إن عملوا أكلوا وإن لم يعملوا لن يجدوا قوت يومهم، وفي هذه الأيام حتى ما نحصل عليه لا يكفي احتياجاتنا اليومية، لذلك أشعر دائما أن لدي نقص في كثير من الاحتياجات".
ولفت إلى أن "الوضع أصبح صعباً جداً، فيومٌ على محطة الوقود، وآخر في إصلاح السيارة، جراء الوقود السيء".
وتساءل في ختام حديثه "الأمر الذي لم أستطع فهمه إلى اليوم، كيف لدينا أزمة بنزين ومازوت، والمادة منتشرة في أكشاك تجارة المحروقات على جوانب طرقات، ويوفرون لك الكمية التي تريد، ولا حسيب أو رقيب، فمن أين يأتون بالبنزين؟! وهو يوزع عبر بطاقات وبكميات محدودة".
مصادر مسؤولة، طلبت الكشف عن هويتها، اكتفت بالقول في حديثها لـ"نورث برس" إن "سبب الأزمة هو تخفيف عدد طلبات البنزين المخصصة للمحافظة من /10/ طلبات إلى /6/ طلبات، في حين هي بحاجة إلى /14/ طلب بنزين".
ولفتت إلى أن "الجهات المسؤولة تتابع تجارة المحروقات غير الشرعية، وتنظم ضبوطاً بحق المخالفين، بحسب ما يسمح به الوضع الأمني"، أما سوء نوعية البنزين، فقال إن "نوعية البنزين تعود لما يتوفر في البلاد، وهناك من يقوم بغش البنزين إن كان في الصهريج أو المحطة".
وبيّن أن "هناك دائما من يحاول خلق فوضى في الأزمات، وهناك من يتاجر بها، إلا أن الموضوع مازال مقبولاً لحد ما، ونحاول العمل على ضبط عمليات التوزيع ضمن إمكاناتنا".
وبين الانتظار في أحوال جوية سيئة، وقلة الكمية التي تصرف للمنتظرين عند محطات الوقود، لا يزال المواطن محتاراً في كيفية تسيير معيشته التي تواصل الحياة إثقال كاهله بمزيد من الأعباء.