الكاتبة السورية روعة سنبل: المسرح فن مُهمّش

القامشلي – نورث برس

تتنوع اهتمامات الكاتبة السورية روعة سنبل فهي تكتب القصة القصيرة والنص المسرحي، عدا عن المقال الأدبي. الكاتبة المولودة في دمشق سنة ١٩٧٩، حاصلة على إجازة في الصيدلة والكيمياء الصيدليّة من جامعة دمشق.

حيث أصدرت مجموعتين قصصيتين هما “صياد الألسنة” و”زوجة تنين أخضر”، ومجموعة للأطفال “أحلم أن أطير”، بالإضافة إلى نص مسرحي بعنوان “حارسة الحكايات”، وقصة مصورة للأطفال بعنوان “دمدوم صانعة الغيوم”، ورواية لليافعين بعنوان “البنتُ التي حملت بيتها”.

مسرحية “نقيق”

في عملها المسرحي “نقيق”، الذي أعده وأخرجه الدكتور عجاج سليم، وتم عرضه على خشبة مسرح الحمراء في دمشق؛ تحكي قصة أم مقعدة جرَّاء إصابتها بقذيفة خلال الحرب السورية، راح ضحيتها طفلها “فراس”.

في بداية حديثنا مع الكاتبة روعة سنبل نسألها عن شخصية “الضفدع” أحد أبرز شخصيات المسرحية، من أين أتت الفكرة؟، وتقول في حديث خاص لنورث برس: “في مخابر الفيزيولوجيا في كلية الصيدلة منذ أكثر من عشرين عاماً كنت أدخل مسباراً في حفرة صغيرة في ظهر الضفدع أسفل رأسه، أحرك المسبار إلى الأعلى والأسفل كي أحصل في النهاية على ضفدع حي بإرادة مشلولة وقلب نابض”.

وتتابع: “هذا الضفدع كان المادة الأولية المثالية لتجاربنا، ومن هذه الخطوات التي يصطلح على تسميتها (التنخيع) كنا نبدأ دوماً حصتنا الدراسية العملية، فيما بعد نمدد الضفدع على ظهره، نغرز الدبابيس في يديه وقدمه، نشق صدره أحياناً، نطبق على قلبه الصغير العقاقير المختلفة، ونراقب باهتمام تغيرات نبضه”، وتختم بالقول: “كنا نفعل هذا في البداية بأيد مرتجفة، ثم صار الأمر عادياً، ففي كل مرة كنا نذكر أنفسنا أن الضفادع هي المخلوقات المثالية بالنسبة إلينا، فهي مسالمة صغيرة يسهل التعامل معها، وأعدادها كثيرة يمكن الحصول عليها بسهولة”.

وتشير ضيفتنا: “كنت أعتقد أنني قد نسيت كل هذه التفاصيل، لكنني خلال السنوات الماضية، وفي لحظات كثيرة، كنت أجدني هكذا: حية، بإرادة مشلولة، وقلب ينبض، وربما هذا ما جعلني أستحضر شخصية الضفدع في نصي المسرحي “نقيق” حين أردت أن أتناول أزمات الذاكرة في أوقات الحروب وكذلك الثنائية المربكة: (الضحية-الجلاد)”.

المسرح فن مهمش

عن أهمية المسرح في حياة الناس وتراجع دوره في زمننا هذا، تقول ضيفتنا: “لا يمكننا أن ننكر تراجع دور المسرح في هذا الزمن، زمن الميديا والصورة والفردية، نعم، المسرح الآن فن مهمش، لا يحتاج استنتاج هذا إلى دراسات وتحليلات، فالأمر في منتهى الوضوح، متابعة بسيطة لأعداد العروض المسرحية، وللميزانيات التي ترصد لها، تكفي كي نعرف. لكن يبقى للمسرح لذته الخاصة بهذا الطقس الجماعي الفريد المشروط بـ(الآن وهنا)، هذه اللذة لا يضاهيها شيء آخر”.

تحت سقف ضيق

تتضمن المسرحية شعراً للشاعر السوري الراحل رياض الصالح الحسين، نسأل ضيفتنا عن السبب في هذا الاختيار، فتجيب: “يتضمن النص مقطعاً شعرياً واحداً من قصيدة: “رقصة تانغو تحت سقف ضيق”، وفيما بعد تحول النص إلى عرض مسرحي تخللته مقاطع شعرية كثيرة مغناة، لن أتحدث هنا عن خيارات المخرج الدكتور عجاج سليم، ومبررات وجود الشعر بهذه الكثافة في العرض، ما سأتطرق إليه هو حضور الشعر في نصي المسرحي”.

تتابع ضيفتنا: “قصيدة رقصة تانغو تحت سقف ضيق تشتبك مع فكرة نصي بشكل كبير، والمرأة التي يخاطبها رياض الصالح الحسين في قصيدته تشبه كثيراً “مي” الشخصية الرئيسية في “نقيق”، ولهذا فقد اخترت توظيفها وحاولت أن تلتحم مع النص لغوياً ودرامياً، وأتمنى أن أكون قد وفقت في هذا”.

وفي الختام تؤكد بأن “للنص حساسية خاصة كونه يحفر عميقاً في دواخل الشخصيتين البطلتين، ولذلك اعتقدت منذ بدأت الكتابة أن وجود الشعر بإيجازه وتكثيفه وحساسيته سيكون مهماً في تكوين المستوى اللغوي للنص وملائماً للمنطقة العميقة من الذاكرة التي تُبنى فيها الحكاية، وشعر رياض الصالح الحسين تحديداً بكلماته الحارة والحادة وصوره المبتكرة الحساسة كان مغرياً بالنسبة لي بسبب تناسبه مع عموم الحالة الانفعالية في النص”.

إعداد وتحرير: عماد موسى