آثار الزلزال.. احتكار غير مسبوق للتجار في أسواق بإدلب واتهامات لتحرير الشام
إدلب- نورث برس
اضطر ملهم جميل (41 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد المتطوعين في مدينة إدلب، إلى إلغاء مشروعهم الذي تضمن إنشاء 150 خيمة إيواء لمتضرري الزلزال في ريف إدلب الغربي، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار.
وفجر السادس من شباط/ فبراير الجاري، ضرب زلزال بقوة 7.7 على مقياس ريختر، عدداً من المدن والمناطق السورية، خلف آلاف الضحايا وأسفر عن انهيار مئات المباني.
يقول “جميل” لنورث برس: “كان مشروعنا بناء 150 خيمة إيواء لمتضرري الزلازل في ريف بلدة الأتارب التي تعرضت لدمار كبير، لكن ارتفاع أسعار الخيم بصورة جنونية ناهيك عن شحها في الأسواق، حال دون ذلك”.
ليتم تقليص المشروع إلى 50 خيمة، ويتم إلغاؤها فيما بعد، إذ أنه وبعد الاستفسار عن سبب ارتفاع أسعار الخيم وشحها تبين أن “مكتب التنمية التابع لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) يعرض خيم الإيواء للإيجار أو للبيع بسعر 250 دولار أميركي للخيمة و1800 دولار للصيوان (خيمة كبيرة تتسع لنحو 50 عائلة)”.
كما تقوم الهيئة “بتخزين الخيم القادمة كمساعدات في مستودعاتها لعرضها على المنظمات بمقابل مادي، وهذا ما لاحظناه عند طلبنا المساعدة منهم”، بحسب “جميل”.
ونقل “مكتب التنمية” التابع لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، مراكز إيواء متضرري الزلازل من مدينة إدلب وبعض بلداتها نحو المخيمات القديمة المخصصة لنازحي الحرب، بهدف الاستيلاء على المساعدات المالية والإغاثية القادمة لمتضرري الزلازل.
وقال مصدر إداري من “مكتب التنمية”، لنورث برس، في وقت سابق، المكتب التابع لتحرير الشام يهدف إلى إضافة متضرري الزلزال إلى برنامج دعم النازحين في المخيمات، والاستيلاء على مئات آلاف الدولارات، وعشرات الأطنان من المساعدات الإغاثية لخزينة الهيئة.
وشكل الزلزال فرصة احتكارية غير مسبوقة للتجار في إدلب في العديد من الأسواق، مستغلين شح بعض المواد و الطلب الزائد عليها و تهافت المنظمات لشرائها.
وارتفعت الأسعار بمعدل 3 أضعاف مقارنة بما قبل الكارثة التي حلت على سكان، بحسب سكان وعاملين في المبادرات الخيرية.
وأكثر المواد التي شهدت ارتفاعاً الأغطية والاسفنجات والخيم، في ظل الحاجة الملحة إليها لإيواء متضرري الزلازل، ناهيك عن المواد الغذائية.
احتكار حاجة المتضررين
وسط تنصل حكومة “الإنقاذ” الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، من مسؤولياتها، في ضبط السوق ومنع الاحتكار واستغلال الأزمات، تحدثت تقارير صحفية عن تورطها في احتكار مستلزمات الإغاثة وتتقدمها الخيم لبيعها للمنظمات بأسعار مرتفعة.
وتشتكي حسناء العلي (32 عاماً) وهو اسم مستعار لإحدى المتضررات من سكان ناحية جنديرس، وتقيم حالياً في منطقة أطمة شمال إدلب، من عدم قدرتها على شراء ما تحتاجه عائلتها اليوم “بعد أن فقدوا كل شيء”.
تقول “العلي” لنورث برس: “نحتاج لبطانيات وإسفنجات لأطفالنا، لكن سعر الإسفنجة الواحدة وصل إلى 40 دولار أميركي والبطانية إن وجدت 15 دولار، علماً أن كلاهما لم يكن يصل سعرهما للعشرين دولاراً”.
حتى السلال الغذائية التي كان من المفترض حصولهم عليها “باتت تباع في أسواق الجيش الوطني بعفرين وما حولها؛ بـ70 دولار للسلة الواحدة”، بحسب “العلي”.
المساعدات الدولية والمحلية وصلت معظمها إلى المنطقة، لكنها لم تصل لمتضرري الزلازل تقول “العلي”. وتضيف: “فالغالبية تخزن في مستودعات الهيئة والجيش الوطني”.
المناطق المنكوبة تحولت لسوق
من جانبه قال فادي حاج علي (50 عاماً)، وهو أحد موظفي مكتب التنمية، ومهمته الأشراف على مراكز الإيواء، إن “أعداد متضرري الزلازل بازدياد مع استمرار الهزات الارتدادية، وتصدع الأبنية، إضافة لعودة آلاف السوريين إلى إدلب وريفها”.
وذهب “حاج علي” إلى تعليل سبب غلاء الخيم ومستلزمات الإغاثة الأساسية إلى أنها “تعود إلى القدرة المالية الكبيرة للمنظمات التي تقوم بشراء كميات كبيرة من الأسواق بشكل يومي، مما جعل سكاناً وصغار التجار في عجز عن شرائها، وهذا الأمر يبرر ارتفاع الأسعار”.
وقال: “أغلب المساعدات تصل إلى مستودعات التنمية التابعة لهيئة تحرير الشام، وبكميات كبيرة، لكن آلية التوزيع محصورة بأشخاص معينين فقط ضمن الهيئة”.
وأضاف لنورث برس، أن ذلك الأمر يثير غضب العديد من السكان، جراء التقصير الكبير في توزيع خيم الإيواء حيث لم يزد عدد الخيم الموزعة على متضرري الزلزال خلال الأيام الماضية عن 400 خيمة من أصل 2200 خيمة في مستودعات التنمية “.
وتحولت المناطق المنكوبة فيدلب وريفها وأيضا جنديرس “إلى سوق كبير لتجارة الخيم والسلال الغذائية، بأيدي المشرفين والمتنفذين من هيئة تحرير الشام والجيش الوطني”، بحسب “حاج علي”.