وسط تناقض التصريحات.. هل وصلت المساعدات الإنسانية للمنكوبين بسوريا؟

القامشلي- نورث برس

مع انتهاء عمليات الإنقاذ بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا فجر السادس من شباط/ فبراير الجاري، بدأت تتوالى الدعوات الدولية والأممية مجدداً لمضاعفة الجهود وإرسال المزيد من المساعدات للمنكوبين.

وكانت العديد من التقارير الصحفية، تطرقت إلى تفاقم أزمة الإغاثة بمناطق شمال غربي البلاد، نتيجة تباطؤ الاستجابة الدولية.

والاثنين الماضي، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إنه “حان الوقت للوقوف بجوار الشعب السوري الذي دمره الزلزال”، نقلاً عن وكالة “رويترز”.

وأضافت خلال القمة العالمية للحكومات أن دول الخليج العربية تجري إصلاحات حثيثة بشأن إنفاقها وحشدها للتمويل.

وذكر البيت الأبيض في بيان، مساء الاثنين، أن “مجموع شاحنات الإغاثة الأممية التي دخلت سوريا حتى الآن بلغ 52 شاحنة”.

وخلف الزلزال عشرات الآلاف من الضحايا ودماراً واسعاً بمساحات شاسعة خاصة شمال غربي سوريا، حيث طال الدمار أربعة مدن كبيرة وهي حلب، حماة، اللاذقية وإدلب.

ووفقاً لآخر إحصائية  نشرتها وزارة الصحة في الحكومة السورية، بلغ عدد الوفيات 1414 شخصاً والإصابات 2349، بينما بلغ عدد الوفيات في مناطق شمال غربي البلاد، حيث تسيطر المعارضة،  2274 والإصابات 12400، وفقاً لمنظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء).

في حين كانت  مناطق الإدارة الذاتية قد سجلت وفاة  6 أشخاص وإصابة  65 آخرين جراء الزلزال.

وفي التاسع من الشهر الجاري، عبرت أول قافلة مساعدات للأمم المتحدة بعد الزلازل إلى سوريا، مكونة من ست شاحنات بعد انقطاع مؤقت دام ثلاثة أيام بسبب تضرر الطرق الرئيسية، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

 تناقض

والاثنين الماضي، كشفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، أن الاستجابة لطلب إرسال المساعدات إلى شمال غربي البلاد، “بطيئة بشكل مميت” حتى الآن.

وشددت في حسابها على تويتر، على وجود “حاجة ماسة لضخ مزيد من المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر كل الطرق الممكنة”.

وفي تصريح سابق مطلع الأسبوع، لوكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، قال إن “هناك قافلة تمر بصورة يومية؛ لدينا حوالي عشر شاحنات في هذه القافلة لتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة شمال غربي سوريا”.

وأضاف غريفيث أن “أكثر من 4 ملايين شخص بهذه المنطقة يحتاجون إلى مساعدتنا”.

وقال المسؤول الأممي: “لقد استأنفنا العمليات هنا خلال الأيام الأربعة أو الخمسة الماضية، لكننا قمنا بتكثيف حجمها حتى نتمكن من البدء في تلبية الاحتياجات”.

وبعد ذلك بيوم، أعلنت الأمم المتحدة إلغاء التنسيق لإدخال قافلة مساعدات من مناطق سيطرة الحكومة إلى المناطق المنكوبة شمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة.

ونقلت وكالة “رويترز”، عن متحدث باسم الأمم المتحدة، أن وصول شحنات المساعدات من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق سيطرة المعارضة “عبر الخطوط” تعطلت.

وكانت الحكومة السورية، أعلنت في قت سابق من الأسبوع الماضي، عن استعدادها لإيصال المساعدات الإغاثية إلى جميع مناطق سوريا، بما فيها غير الخاضعة لسيطرتها.

وجاء ذلك على لسان مدير الهلال الأحمر خالد حبوباتي، خلال مؤتمر صحفي حينها.

فيما انتقدت المعارضة المجتمع الدولي واتهمته “بالتخاذل في نجدة المنكوبين في الشمال السوري”.

وقال القائم بالأعمال لدى السفارة السورية بالدوحة، بلال تركية، خلال لقاء مع قناة الجزيرة، إن “المؤسسات الدولية فشلت في إيصال  المساعدات في الأسبوع الأول للمتضررين في شمال غربي سوريا”.

وتنقسم سوريا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية وأخرى تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، ومناطق تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة ودول أخرى رحبوا بقرار دمشق بفتح نقطتي عبور إضافيتين على الحدود التركية إلى جانب “باب الهوى” للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق منكوبة شمال غربي سوريا.

وقال أنطونيو غوتيريش في بيان: “أرحب بقرار الرئيس السوري بشار الأسد بفتح المعبرين لفترة أولية مدتها ثلاثة أشهر للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب”.

فيما أعربت المعارضة عن انزعاجها من الأمر، معتبرة أن انتظار الأمم المتحدة لموافقة الحكومة ذريعة جديدة لتبرير فشلها في سوريا.

انتقادات ومطالب للمعارضة

وانتقدت المعارضة السورية متمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ما وصفته “عدم حيادية الأمم المتحدة ومنظماتها”.

وقال رئيس الائتلاف المعارض سالم المسلط  في مؤتمر صحفي عقد الاثنين الماضي، في ناحية جنديرس بريف عفرين، إن “الأمم المتحدة أرسلت القوافل إلى دمشق وقامت بجولات في مناطق النظام دون الوصول إلى مناطق الشمال السوري المحرر”.

وأضاف: “متى نرى المجتمع الدولي يشعر بكارثة السوريين نريد أن نرى الأمم المتحدة هنا وليس في دمشق”.

وكانت المعارضة طالبت بفتح تحقيق عن سبب التعاطي السلبي مع الكارثة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مشيرة إلى أن “الأمم المتحدة فشلت في تقليص أضرار كارثة الزلزال في مناطق شمال غربي سوريا”.  

وقال الائتلاف المعارض في بيان نشر الاثنين، إن “تعامل الأمم المتحدة مع كارثة الزلزال في سوريا كان مسيّساً ولا يراعي الاحتياجات اللازمة لكل منطقة”.

وأضاف أن منظمات الأمم المتحدة وجهت الدعم لمناطق الحكومة، “وتركت الأنقاض تخنق المدنيين في مناطق شمال غربي سوريا على الرغم من الأضرار البالغة التي لحقت بها”.

والخميس الماضي، دخلت أول قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى مناطق المعارضة من تركيا عبر باب الهوى، ليعقبها أخرى بعد يوم، حيث أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن 14 شاحنة عبرت إلى تلك المناطق.

هل حصلوا على المساعدات؟

في خضم التصريحات التي تم ذكرها آنفاً والانتقادات التي طالت الألية الدولية في التعامل مع تبعات الزلزال المدمر بمناطق في سوريا، يبقى السؤال الأهم هل وصلت المساعدات للمنكوبين في سوريا وفقاً لمتابعين.

وأثارت شكاوى حول سرقات طالت المساعدات التي دخلت مناطق المعارضة والحكومة، جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط  اتهامات لمسؤولين لدى الأخيرة بالتورط فيها.

وكانت عدة دول، معظمها عربية، أعلنت إرسالها مساعدات للمنكوبين في سوريا.

وفي الثاني عشر من الشهر الجاري، صرح  وزير التجارة في الحكومة السورية، عمرو سالم لإذاعة محلية، أنه “لم تسجل حالات سرقة للمساعدات” وذلك عقب ورود شكاوى من متضررين في محافظة اللاذقية بعدم حصولهم على المساعدات.

وأضاف سالم: “أما الشكوى الواردة والمنتشرة الخاصة بمختار بلدة اسطامو في اللاذقية فتم إرسال دوريات مباشرة، وتبين أن هناك مختارين يوزعان، وكل منهما يوزع لأقاربه، وقد حلت المشكلة وجرى توزيع المساعدات بشكل عادل للجميع”.

فيما أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريح صحفي، إلى أن “فصائل الجيش الوطني تستغل المساعدات الداخلة إلى عفرين وتطالب بنصف المعدات التي تتضمنها القوافل”.

وأضاف عبد الرحمن أنه “حتى الداخلة إلى ناحية جنديرس من الباب جرى الاستيلاء عليها ووزعت بطريقة غير شرعية”.

إلى ذلك أقدم عناصر من فصيل السلطان سليمان شاه في الجيش الوطني الموالي لتركيا، على سرقة مساعدات إنسانية مقدمة من إقليم كردستان العراق إلى بلدة جنديرس بريف عفرين.

وقال مصدر خاص لنورث برس، إن المساعدات الإنسانية المقدمة من الإقليم تم توزيعها عن طريق الفصيل ليتم سرقة قسم كبير منها وتحويلها لقرية كورزيلي بناحية شيروا.

كما استولت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) عبر أحد أذرعها “مكتب التنمية” على مراكز إيواء خاصة بمتضرري الزلزال في إدلب، رغم إنشائها من قبل منظمات محلية وفرق تطوعية، بهدف السرقة.

إعداد وتحرير: فنصة تمو