التسول في اللاذقية.. أهالي يجبرون أولادهم على العمل وناشطون يقترحون مراكز إيواء لمساعدة الأطفال

اللاذقية – نورث برس

 

تعتبر ظاهرة التسول من أكثر الظواهر التي تؤرّق المجتمع والحكومات المسؤولة عن أي بلد، حيث لا يخلوا بلد في هذا العالم من هذه الظاهرة التي تنتشر بأشكال عدة.

 

اللاذقية حالها كحال أي مدينة في سوريا انتشرت فيها ظاهرة التسول خلال سنوات الحرب مع توافد آلاف النازحين إليها، وبالرغم من انخفاضها خلال السنتين الأخيرتين بسبب عودة الكثير من النازحين إلى أماكنهم، إلا أنها لازالت موجودة في شوارع اللاذقية.

 

وللتسول أشكال عدة، كطلب المال أو الطعام أو حتى المبيت من عموم الناس، وذلك لحاجتهم إليها فعلاً بسبب ظروف الحرب أو الفقر أو التقصير من الحكومات، إلا أن أخطر أنواع هذه الظاهرة هو استغلال الأطفال لجني المال من قبل مشغّليهم أو أهاليهم، حيث يُحرم هؤلاء الأطفال من دراستهم ومستقبلهم ومكانتهم الاجتماعية.

 

حاولت "نورث برس"، رصد هذه الظاهرة في شوارع اللاذقية إلا أن الأمر ليس بالسهولة التي تُذكر، لأن التسول ممنوع قانونياً والشرطة الأمنية وشرطة الأحداث الخاصة بالقاصرين تلاحق هذه الظاهرة وتمنعها، فعند كل محاولة رصد وتحدث مع هؤلاء الأشخاص لمعرفة السبب الذي أدّى بهم إلى الشارع، كانوا يمتنعون ويختفون بسرعة.

 

وبعد عدة محاولات، صادفت "نورث برس" فتاتين قاصرتين عبير ونور وهما شقيقتان، حيث قالت عبير إن أهلها يجبرونها على القيام بهذا العمل، "رغم وجودي في المدرسة إلا أن والدي يجبرنا أنا وأشقائي الخمسة على هذا العمل".

 

وتقول عبير إنها تعرضت مرتين للاعتقال من قبل دوريات الأحداث المسؤولة عن ضبط هذه الظاهرة لكن والدها كما تقول أعادها إلى الشارع.

 

فيما تقول نور، إن مهمتها "التواجد داخل المقاهي والمطاعم والتوسل لمن هم بداخلها للحصول على بعض المال بحجة الحاجة، وتخرج مع شقيقتها منذ ساعات الصباح الأولى ولا تعودان إلى المنزل إلا لوقت متأخر من الليل لدرجة أنهما تضطران للنوم خارجاً في حال لم تحصلا على المبلغ المطلوب وذلك خشيةً من بطش الأب".

 

وبخصوص هذه الظاهرة قال الناشط في الشأن الإنساني، رامي فيتالي لـ"نورث برس": إن "ظاهرة التسول ليست جديدة فهي كانت موجودة ما قبل الحرب وتعززت في فترة الحرب مع نزوح الآلاف للمدينة، حيث حاولت الحكومة والمنظمات الإنسانية تقديم المساعدة لهؤلاء إلا أن البعض استغل وجود عدد كبير من الأطفال واستثمرهم عبر تشكيل مجموعات للتسول".

 

وأضاف فيتالي أن هذه الظاهرة تجلب معها ظواهر أخرى أكثر سوءً من التسول، وأن أصعب الحالات التي رأوها في عملهم كانت ظاهرة استنشاق الشعلة (مادة لاصقة ذات رائحة قوية جداً)، "حيث كان يتم شراء هذه المادة ووضعها في أكياس واستنشاقها لتتحول لإدمان وخطر يمس هؤلاء الأطفال لا يقل خطورة عن تعاطي المخدرات".

 

ويؤكد أنهم نجحوا خلال عملهم في مساعدة وإنقاذ عدد لا بأس به من الأطفال في شوارع اللاذقية، إلا أنهم بحاجة لمراكز إيواء ذات مستوى عالٍ حيث تعمل على مساعدة هؤلاء الأطفال وتسهم برفع مستواهم الفكري والتعليمي وتضع حداً لاستغلال بعض المتاجرين بهم لجني المال، مضيفاً "ومع الأسف في العديد من الحالات يكون أهل الأطفال هم التاجر".