ظروف معيشة ونزوح قاسية.. كيف تعيش المطلقات بمخيمات الرقة العشوائية؟
الرقة – نورث برس
منذ بزوغ شمس الصباح تذهب رحمة وولديها إلى عملها الذي اعتادت عليه بعد أن هجرها زوجها منذ 5 سنوات.
تقول رحمة الحمود )28عاماً)، وهي نازحة في مخيم اليوناني جنوبي الرقة، على الضفة اليمنى لنهر الفرات، إن زوجها كان قد طلقها منذ خمس سنوات وهجرها في المخيم وتركها وحيدة وأطفالها.
وفي ظل ظروف النزوح الصعبة تعاني “الحمود” وهي أم لـ4 أطفال، حالها كحال بقية المطلقات في المخيم، من غياب المعيل.
وتعتمد المطلقات في المخيم على أنفسهن في إعالة أسرهن من خلال العمل في الأراضي الزراعية وغيرها من الأعمال الأخرى كجمع البلاستيك والألمنيوم.
تضيف “الحمود”، لنورث برس، أنها تعمل “بأجر 8 آلاف ليرة في اليوم”، في حال توفر العمل وهذا لا يسد رمق حاجات عائلتها في ظل الغلاء والظروف المعيشية الصعبة.
ولكي تزيد الدخل اليومي لعائلتها تضطر “رحمة” لإرسال أكبر أبنائها، وهو في الثامنة من عمره، إلى “ورشة صناعة”، وإرسال الآخر مع بقية أطفال المخيم لجمع بعض “أكياس النايلون والعلب الفارغة وبيعها”.
ولكنها في الوقت ذاته تخاف على أطفالها، “أخاف على طفلي عندما أرسله بعيداً عن المخيم، أحياناً يتأخر بالعودة إلى البيت. ولكن ماذا أفعل لا حيلة لي في شيء وظروفنا صعبة”.
“تربطنا أوراق وعقد فقط”
تعاني الكثير من النساء في المخيم من تحمل مسؤولية الأسرة في تأمين الطعام والشراب، والدواء في حال المرض بالإضافة إلى القيام بأعمال البيت.
والمعاناة لا تقتصر على من تطلقن من أزواجهن بشكل رسمي، أو بالطريقة الشرعية، وهي برمي يمين الطلاق، إذ تعاني سمر العبد الله (35 عاماً)، من صعوبة تأمين “لقمة العيش” لأبنائها في المخيم.
تقول “العبد الله” إن زوجها هجرها وأبنائها، “مع أنه يعيش في نفس المخيم، إلا أنه لا يعترف بنا. يربطنا عقد الزواج فقط”.
وتضيف بلهجتها العامية: “جوزي ما يعترف علينا لا بأكل ولا بشرب ولا شي أبداً. مجبورة اشتغل وأجيب لأولادي”.
وهناك حالات كثيرة من النساء اللواتي هجرهن أزواجهن، لم يتطلقن رسمياً، ولكنهن شبه مطلقات يعملن لسد حاجات أولادهن، وفقاً لـ “العبد الله”.
وتواصلت نورث برس، مع مسؤولات في “تجمع نساء زنوبيا”، لمعرفة عدد النساء المطلقات رسمياً واللاتي تركهن أزواجهن، وأعمال التجمع لمساعدة النساء مادياً ومعنوياً، إلا أن المنظمة النسوية لم تعط أي معلومات، واكتفت بتحويل التواصل من مسؤولة إلى أخرى.
في نهاية المطاف خلال عملية الاتصال والحصول على أرقام، تواصلت نورث برس، مع سهام العكلة، وهي إدارية في مخيم طويحينة غربي الرقة.
وقالت إنه لا حصيلة لديها سوى للأرامل والمطلقات في مخيم المحمودلي، حيث يبلغ عدد المطلقات في المخيم 87، فيما يصل عدد الأرامل لـ265، ولم يتوفر لدى الإدارية أي أرقام أخرى.
وبالعودة لـ”العبد الله”، فهي تضطر وبقية النساء في المخيم للعمل لإعالة أبنائهن، في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.
وهذا يجبرها على العمل بأجر قليل، وفي كثير من الأحيان، تلجأ للاستدانة لجلب بعض الحاجات، وهذا يدفعها لإنقاص كمية الطعام أحياناً لأولادها، لتستطيع سداد بعض الديون المترتبة عليها.
أن تكون الزوجة الثانية
وفي ذات المخيم تعيش خولة الحسين (٣٤ عاماً)، مع بناتها الأربع في خيمتها الصغيرة على بُعد بضعة أمتار من خيمة زوجها الذي يسكن فيها مع زوجته الأولى.
تقول المرأة على الرغم من وجود زوجها، إلا أنه تخلى عن مسؤولية إعالتها هي وبناتها وتفضليه زوجته الأولى عليها.
تضطر “الحسين”، للعمل منذ أن قرر الزوج عدم إعالة الأسرة قبل 4 سنوات، “جوزي عافنا وما يعترف علينا والمصروف غالي”.
وعند سؤالها عن سبب ترك الزوج مسؤولية الأسرة، أجابت “لأني الزوجة الثانية، وما عنده إمكانية يصرف على عيلتين”.