مدن تركية منكوبة تشردت سكانها ولا منقذ فيها سوى متطوعين مدنيين

دمشق- نورث برس

كانت المدن ذات الغالبية الكردية في ولاية أديمان نموذجاً، أشد نكبة في الزلزال المدمر، بعد أن ضلت أبعد من أن يصلها الدعم الحكومي، الأمر الذي دفع سكانها للهرع إلى إغاثة أحبائهم وإخراجهم من تحت الأنقاض، منتقدين السلطات بشدة.

ولعل حديث شاب صغير من ولاية ماردين كان قد توجه إلى المناطق المنكوبة بجنوبي تركيا متطوعاً لإنقاذ من بقي حياً تحت الأنقاض، اختزل المعاناة عندما قال: “لا يوجد دولة، أين الدولة من مساعدتنا”.

هذا ما نقلته قناة العربية عن الفتى وبجانبه شخص يترجم حديثه، لكنه بدا خائفاً من أكمال الترجمة، حين قال الفتى: “نحن السكان فقط نساعد بعضنا البعض، لا دولة هنا تساعدنا.”

وواجهت السلطات التركية غضباً كبيراً من المنكوبين من بطء وصول فرق الإنقاذ، حيث ارتفع  عدد ضحايا الزلازل جنوب البلاد لأكثر 24 ألف قتيل في حصيلة قابلة للارتفاع إلى أكثر من 30 ألفاً نظراً لوجود مئات الأبنية المدمرة لم تصلها الإمدادات بعد.

وأثر هذا الزلزال على 10 مدن في جنوب تركيا (عثمانية، أضنة، هاتاي)، ممتداً إلى المنطقة الكردية التي يطلق عليها (شمال كردستان) وتشمل (مرعش، ديار بكر، ملاطية، أديامان، عنتاب، أورفة، كيليس).

ويبلغ سكان المناطق هذه ما لايقل عن 13 مليون شخص وأثرت على الملايين الآخرين في محيطها.

وقال حزب الشعوب الديمقراطي إن السكان فعلوا ما يجب على الحكومة فعله، متهماً السلطات التركية بالتقاعس عن تقديم الدعم للمناطق المتضررة وحجبها عن أخرى بدوافع سياسية على عكس ما تروج في إعلامها الرسمي.

وقال الحزب في بيان اليوم، إن الحكومة تسببت بوفاة الكثير من الناس تحت الأنقاض دون أن تشعر بأدنى حد من المسؤولية تجاههم.

كما أشار في بيانه الصادر اليوم، إلى معلومات تفيد بأن يحظر شاحنات المساعدة الخاصة إلى المناطق الكردية المتضررة.

وفيما بلغ مجموع عدد الوفيات قرابة 25 ألفاً، في عموم المناطق المتضررة من الزلزال، لم ترد حصيلة عن المناطق بشكل منفصل.

ووجه رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو، انتقاداً حاداً للرئيس التركي لعدم تمكنه من إدارة الأزمة على تعبيره .

وقال كليجدار أوغلو إن الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله (أردوغان) هو “البطولة والشعارات الفارغة والهراء(..) إنه لا يعرف كيف يدير الدولة. كفى، نحن متعبون! فليذهب ويجلس في قصره، الناس متضامنون، دعوا الجميع يقوموا بعملهم”.

وبعد الزلزال بثلاثة أيام، تواصلت نورث برس عبرتطبيق الواتساب، مع عدد من الأشخاص المطلعين على الأوضاع في جنوب تركيا أحدهم صحفي، قال إن الارتفاع الحاد لعدد الوفيات سببه بطء الاستجابة للكارثة، حيث كان من الممكن إنقاذ مئات الأرواح لو تم الوصول إليهم بسرعة أكبر، على حد قوله.

وأشار الصحفي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لأنه قد يتعرض للقمع حسبما ذكر، إلى أن الانتقادات انهالت على الحكومة، وخاصة أن ثمة فرقاً وتمييزاً واضحاً في استجابة السلطات للمناطق المنكوبة على أساس قومي وسياسي.

 ولم توفر السلطات على الفور الآليات وفرق الإغاثة لمناطق ولايتي أديمان وديار بكر، ما يعني أنه لم يبق أمام السكان سبيل سوى أن ينبشوا الركام بأياديهم وآلياتهم الخاصة، فحتى ذلك تطلب موافقة من السلطات، بحسب الصحفي.

وأدت درجات الحرارة المتجمدة إلى تفاقم البؤس للناجين من الكارثة، وهم يناشدون للمساعدة والدعم في إيجاد مأوى.

ورغم أن درجات الحرارة انخفضت في بعض المناطق إلى 5 درجة مئوية تحت الصفر، اضطرت آلاف العائلات لقضاء الليل في السيارات والخيام المؤقتة.

إعداد وتحرير: هوزان زبير