“العدسة الجارحة”.. كتاب عن حياة السينمائي السوري عمر أميرالاي

القامشلي ـ نورث برس

ربما تكون ثورة الطلاب الفرنسية عام 1968 التي عاش أحداثها المخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي (1944-2011)، وكان يدرس آنذاك في فرنسا، قد فتّحت عينيه على صورة هي غير الصورة الروائية التي تعودنا أن نراها على شاشات السينما السورية والعربية، هنا في هذه الصورة التي أبطالها الناس الذين لم يقفوا أمام الكاميرا ليمثلوا فيلما سينمائيا، بل هم الضحايا نفسهم.

كانت لحظة فارقة في حياة أميرالاي، الذي وقف إلى جانب هؤلاء الضحايا ليرسم تلك الصورة؛ الوثيقة البصرية. وهذا ما يحاول أن يدوّنه الكاتب فجر يعقوب في كتابه “عمر أميرالاي.. العدسة الجارحة”، الصادر حديثاً عن منشورات المتوسط في إيطاليا.

على السوري أن يحلم بالحرية

الكتاب يرصد المسيرة السينمائية لسينمائي يعيش أبناء بلده اغتراباً وضياعاً تاريخياً وفلسفياً. وهذا ما كان يدمي قلبه.

في معظم أفلام أميرالاي التي يستعرضها مؤلف الكتاب، نجد أن لدى عمر فكرة واحد أشبه بمانفيستو عريض لأعماله، وهو كمن يقول إنه من المستحيل على السوري أن يحلم بالحرية، فالحياة في ظل قوانين المالك الحصري كان جنرالاً أو ملكاً أو رئيساً فهو يكشف عن الجريمة بأن الحياة ليست سوى مهزلة، وكأن سينما عمر أميرالاي رغم استحالة الحلم، إنما تمثِل ميلاد بذرة جنينية للحرية.

وهو في سينماه الوثائقية؛ على مدار أربعين سنة وفي تسعة عشر فيلماً كان يحكي عن الحرية المزيَّفة والمضلِّلة التي هي بمثابة قيد لبشر تمَّ تجريدهم من وسائل عيشهم.

كاتب الوثيقة البصرية

عمر أميرالاي صاحب “العدسة الجارحة” وكاتب “الوثيقة البصرية”؛ يلخص مشروعه السينمائي بالقول: “مسعاي الأوَّل في أفلامي هو محاولة اكتشاف سرَّ ذلك الكائن الرائع والمريع، بالوقوف إلى جانبه مقهوراً مغلوباً على أمره من ظلم أخيه الإنسان، ومنتقداً إيَّاه جاهلاً متخلّفاً مستسلماً لقدره”.

لا يشتغل أميرالاي، على سيناريو مُعَدّ مسبقاً. بل على سيناريو واقعي حياتي، إذْ يضع نظرية درامية للسينما الوثائقية، نظرية تُحلّل وتحلّ عقد الصراع، وبإحساس تهكمي، فهو صاحب “عدسة ساخرة”، تعرض لصورة الانحطاط والحالة المرضية التي يعيشها البشر كون حكّامهم لا شرعة لهم.

إعداد وتحرير: عماد موسى