بعد أن كانت منسية.. الزلزال يعيد سوريا إلى ساحة الاهتمام الدولي

القامشلي- نورث برس

هل كان لابد من حدوث “الزلزال المدمر” حتى تعود سوريا الغارقة منذ أكثر من عقد في صراعات على امتداد جغرافيتها الواسعة لساحة اهتمام الدول؟. وهل كان لابد من أن يقضي آلاف السوريين تحت الأنقاض حتى يلتفت العالم لهم اليوم؟ أسئلة كانت تطرح من السوريين إلى أن بدأت التحركات.

فحتى أمس القريب، لم تكن لتحرك الدول ساكناً أمام التهديدات التركية على مناطق شمال شرقي البلاد، وكذلك صمتها الفاضح أمام إغلاق المعابر الإنسانية والمساومات السياسية على الشريان الحياة الوحيد في البلاد.

وما كان لتلك الاجتماعات الدولية والمؤتمرات التي تعقد بشأن سوريا منذ بدء الأزمة قبل 12 عاماً، أن تحرز تقدماً في سير العملية السياسية التي كان من الممكن أن تحمل، رغم ضآلة الأمل المعقود عليها، بوادر لإنهاء معاناة السوريين.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج المنظمة للطوارئ الصحية مايك راين، خلال حديث للصحافيين في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي قبل يومين، إن “الزلزال المدمّر أعاد إلى الواجهة “الأزمة المنسية” في سوريا”.

وأضاف “راين”: “لكن الملايين في سوريا يعانون منذ سنوات في ظل ما تحول إلى أزمة منسية”، مؤكداً “جهوزية منظمته لإرسال كميات كبيرة من الإمدادات التي عرقلتها قيود لوجستية”.

وفجر السادس من هذا الشهر، ضرب زلزال بقوّة 7.7 درجات على مقياس ريختر، تركيا وسوريا، مخلّفاً خسائر هائلة سواء بشرية أو مادية.

دمشق طلبت رسمياً

تقدمت الحكومة السورية بطلب مساعدة رسمي عبر آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، وجاء ذلك على لسان المفوض الأوروبي يانيز ليناركيتش، المسؤول عن إدارة الأزمات.

والأربعاء الماضي، قال ليناركيتش، إن المفوضية الأوروبية “تشجع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الاستجابة لطلب سوريا للحصول على معدات طبية وأغذية”.

وشدد على موضوع المراقبة للتأكد من أن أي مساعدات “لن يتم استخدامها لأغراض أخرى” من قبل حكومة دمشق.

وفي آخر تحديث لحصيلة ضحايا الزلزال في سوريا، بلغ عدد الضحايا الكلي، أمس، 8.892 منهم 3.559 وفاة و 5.333 إصابة.

وأعلنت الحكومة السورية، الجمعة، المناطق المتضررة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب نتيجة الزلزال الذي أصابها فجر الاثنين الفائت، مناطق منكوبة، “وبما يترتب على ذلك من آثار”.

رفع العقوبات  لأشهر

والجمعة الماضية أصدرت الخزانة الأميركية، “ترخيصاً عاماً يسمح لمدة 180 يوما بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال والتي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا”.

وجاء ذلك بعد مناشدات سورية ودولية برفع العقوبات الغربية عن سوريا فوراً، وفتح الباب أمام المساعدات الإنسانية لمواجهة تداعيات الزلزال.

وقال والي أدييمو نائب وزير الخزانة الأميركي في بيان، إنه “بينما يتجمع الحلفاء الدوليون والشركاء الإنسانيون لمساعدة المتضررين، أود أن أوضح تماما أن العقوبات الأميركية في سوريا لن تقف في طريق الجهود المبذولة لإنقاذ حياة الشعب السوري”.

وشدد البيان على أن “الترخيص GL 23 يتضمن السماح بمعالجة أو تحويل الأموال نيابة عن أشخاص من دول أخرى إلى سوريا أو منها، لدعم المعاملات المصرح بها بموجب هذا الترخيص العام”.

فيما لا يسمح هذا الترخيص العام “بأي معاملات تتعلق باستيراد النفط أو المنتجات البترولية ذات المنشأ السوري إلى الولايات المتحدة، وأي معاملات تنطوي على أي أشخاص مشمولين بنظام العقوبات ضد سوريا”.

ولطالما أعربت ألينا دوهان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بإعداد تقرير خاص حول أثر التدابير أحادية الجانب على حقوق الإنسان، عن صدمتها عندما شاهدت “الأثر الهائل واسع النطاق على حقوق الإنسان” بسبب ما وصفته بـ”التدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا”.

دعوة لوقف إطلاق النار

والجمعة، دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى وقف فوري لإطلاق النار في سوريا لتسهيل إيصال المساعدات إلى جميع ضحايا الزلزال المدمر في المنطقة.

وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تغريدة على تويتر: “في هذا الوقت العصيب في تركيا وسوريا، ندعو إلى تقديم المساعدة بشكل عاجل إلى جميع المحتاجين”.

ودعا فيها أيضاً منسق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر ترك، إلى “وقف فوري لإطلاق النار في سوريا والاحترام الكامل لالتزامات حقوق الإنسان والقانون الإنساني حتى تصل المساعدة إلى الجميع”.

والثلاثاء الماضي، دعا باولو بينيرو، رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أيضاً جميع أطراف النزاع في سوريا إلى الالتزام بوقف شامل لإطلاق النار لتمكين العاملين في المجال الإنساني وعمال الإنقاذ من الوصول إلى المحتاجين “دون خوف من الهجمات”.

وحثت اللجنة المجتمع الدولي، على “التحرك بسرعة لتقديم المساعدات الإنسانية والدعم، ودعت جميع الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية فوراً وبدون قيود إلى كل المناطق المتضررة من الزلزال لتقديم المساعدات المنقذة للحياة”.

إعداد وتحرير: فنصة تمو