“الكوارث الطبيعية”.. كيف تناولها الأدب؟
غرفة الأخبار ـ نورث برس
لم يكن الأدب يوماُ بمنأى عن تدوين الكوارث الطبيعية التي تحدث بين فينة وأخرى، وتتسبب بالصدمة الأكبر بالنسبة للمجتمعات البشرية، حيثُ يعتبر المبدع مرآة تعكس ما يصيب الدائرة التي تحيط بها.
ولعل ما يقوله الكاتب العالمي سلمان رشدي، خير دليل على ذلك: “بمجرد تعرضك لزلزال، ولو نجوت من دون خدش، إنه مثل الضربة في القلب، يظل احتمالاَ رهيباَ في صدر الأرض، يتوعّدك بالعودة دائماَ، ليضربك مجدّداً، بقوة تدميرية أعنف”. ما يؤكّد هول الكوارث وبقاء أثرها في النفوس إلى أمد بعيد.
ضرورة تناول الكارثة
حول الكتابة عن الكوارث يقول الكاتب السوري محمود عبدو عبدو، أن حدوث أي مأساة تفتح باب الأسئلة عمن يوثقها ويكتبها ويعيد إنتاجها أدبياً، وما حملته البشرية من تراث شفهي ومكتوب عبر عصوره ما هو إلا تناقل لأهوال وكوارث مرت بها، بدءاً من قصة الطوفان وما تلاها من قصص أخرى، تناقلناها إبان أي كارثة.
يضيف “عبدو”، أن أدب المأساة والكوارث ضرورة حتمية لأنها تتماهى والعرف الأخلاقي والقيمي للبشرية جمعاء، وكونها تتناول موضوعاً حساساً وغير طبيعي يلعب بحياة البشر ويتسبب بمقتله.
وحول تأخر الأدب في تناول هكذا أحداث، يشير الكاتب إلى أن ارتداد النص الأدبي بعد الكارثة كارتداد الهزات اللاحقة للهزة الكُبرى، لا توازيها حتماً لكنها تفعل فعلها وتترك الأثر المنوط بها.
تصوير معاناة البشر
بدوره يقول الكاتب والسناريست السوري ممدوح حمادة، إن الكوارث الطبيعية تشكل مادة غنية يستقي منها الأدب موضوعاته.
ويشدد على أن الكثير من الأعمال الأدبية تستقي من هذه الكوارث موضوعات إنسانية مثل العلاقات التي تفرزها هذه الكوارث بين البشر ومعاناتهم ومأساتهم وتصور الكثير من الحالات فيها قوة الإرادة البشرية أو هول الكارثة وهذه كلها تشكل دوافع قوية جداً في صناعة الأدب، إضافة إلى ذلك الدور التوثيقي الذي تلعبه بعض هذه الأعمال حيث يكون الكثير منها حصيلة تجارب شخصية حصلت على أرض الواقع.
ويأتي كاتب سيناريو مسلسل “ضيعة ضايعة” على ذكر رواية البير كامو (الطاعون)، معتبراً إياها كأشهر عمل أدبي تأخذ هذا المنحى.
كوارث متخيلة
“هل تتأثر الرواية بالتغيرات المناخية؟”، يجيب الروائي السوري هيثم حسين، على هذا السؤال بنعم، وذلك في كتابه “لماذا يجب أن تكون روائياً؟”، مؤكّداً أن المناخ قد شكّل مجالاً خصباً للرواية، إذ عمل بعض الروائيين خاصة الأجانب منهم، على تقديم أعمال روائية تحذر وتنذر بكوارث متخيلة.
وكمثال على ذلك رواية “عام الفيضان” للكاتبة الكندية مارغريت أتوود، التي قدمت عملاً استشرفت من خلاله ظهور أوبئة وفيضانات تتسبب بتغير بيئي خطير، يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل كارثي في مدينة متخيلة.
الزلازل لا تقع إلا نادراً
من جهته يقول الكاتب السوري سامر أنور الشمالي، إن على الأدب أن يتناول مختلف جوانب الحياة، ولكن قد نجد في الحياة موضوعات لم يعالجها، “فلا أذكر أن هناك رواية معروفة أو قصة موضوعها الزلزال”.
ويضيف: “ربما السبب أن الزلازل لا تقع إلا نادراً لهذا لم يعش الأدباء هذه التجربة ولم يكتبوا عنها، إضافة إلى أن هذا الموضوع يعتمد على الحدث الخارجي، وليس على ما يجري في داخل النفس لهذا نجد بعض الأفلام تناولت هذا الموضوع أكثر من مرة لأنها تعتمد على الصورة دون الكتابة”.
يقول “الشمالي”، إنه لا بد من تناول الموضوع، مشيراً إلى أنه “ربما تكون هناك نصوص تناولت موضوع الزلزال ولكنها لم تحقق الشهرة لأن هذا الموضوع ليس من الموضوعات التي اشتغل عليها الأدباء عادة فلم تحقق الحضور الكافي في المشهد الأدبي لتثير انتباه القراء والنقاد”.
الأدب كان وسيظل النافذة التي نطل من خلالها على ما حل بالأرض ومن يسكنها من بشر وكائنات أخرى من كوارث، سواء من خلال دمج الواقع بالخيال أو عبر التوثيق الحرفي ولكن بقالبٍ أدبي بحت.