سوريا .. عدسة صحفي لا تسع لركام منازل وأنين ضحايا الزلزال
عفرين – نورث برس
توجه الصحفي إلى شارع وسط بلدة جنديرس، بريف عفرين، ليشاهده مدمراً بشكلٍ شبه كامل، حاول تصوير بعض المشاهد ليترك الكاميرا بعدها ويساعد فرق الإنقاذ في إخراج عالقين تحت الركام.
لكن بعد لحظات شعر السكان بهزة أرضية ثانية لم تقل قوتها عن الأولى، وليصرخ الجميع “اهربوا البناية ستقع”.
ليهرع الواقفون محاولين الوصول إلى مكان يعتقدون إنه أأمن بعيداً عن الابنية المتصدعة، ويقول الصحفي ومراسل نورث برس في شمال غرب سوريا، مؤيد الشيخ: “نجحت ونجح العديد من السكان بالابتعاد، إلا أن البعض لم يحالفهم الحظ حيث سقطت العديد من الابنية على منتصف الشارع، ولم تسعفهم الصرخات وبقوا تحت الأنقاض”.
وبنبرة المصدوم يتساءل، كان يتواجد العديد من الناس والذين لا أدري الآن ما هو مصيرهم، شعرت حينها بالرعب الحقيقي، مررنا مسرعين من فوق أسطح الابنية التي تهدمت للوصول إلى السيارة بأقصى سرعة ممكنة، لأن هناك العديد من الأبنية في الشارع نفسه على وشك الانهيار.
ويقول، لا أدري كيف وصلت إلى السيارة وكيف خرجت من جنديرس التي غادرتها مسرعاً تاركا خلفي العشرات تحت الانقاض، وهو الشيء الذي في الحقيقة زاد من الوجع الذي في نفسي.
وشهدت مناطق شمال غربي سوريا عجز فرق الطوارئ عن إنقاذ العالقين أسفل الأبنية المنهارة في الوقت الذي اكتظت به المشافي وريفها بالجرحى والقتلى بعضهم لا زال “مجهول المصير”.
ويضيف الشيخ “ليست المرة الأولى التي أوثق بها عمليات إنقاذ وإجلاء ناجين من تحت الانقاض، عايشنا حالات قصف ومجازر كثيرة، لكن هذه المرة الأولى التي أشعر بها بأحاسيس غريبة لم أتمكن من معرفتها، الأرض التي فديناها بدمائنا تقتلنا”.
ومنذ الأمس، لا تزال عمليات البحث عن ناجين وقتلى تحت الأنقاض جارية في سوريا، مع إعلان المنطقة “منكوبة بشكل كامل”.
وكأنها خرجت من الحرب العالمية الثانية “الأبنية فوق رؤوس ساكنيها، الجميع عاجزاً عن فعل أي شيء”، بهذه الكلمات يصف الصحفي حال مدينة بلدة جنديرس.
بصوت مبحوح يروي مؤيد، في إحدى الأبنية المنهارة والمؤلفة من خمسة طوابق ويتواجد بها أكثر من 20 عائلة، كان رب إحدى تلك العوائل يجلس على ركام منزله وأمامه زوجته وثلاثة من أطفاله تحت الركام “فاضت أرواحهم إلى السماء” يكلمهم الأب بحسرة.
بينما هاني السالم وهو مراسل نورث برس في إدلب وريفها وبعد ساعات من انقطاعه من شبكة الانترنت يصف المشاهد في بلدات سرمدا ومدينة الدانا وعند مدخل قرية ترمانين إضافة بلدات حارم وسلقين وملس وارمناز والأتارب وأطمة بـ “يوم القيامة”.
فقد السالم أربعة عشر شخصاً من عائلته ولا يزال مصير شخصان مجهولاً.
وتزامن الزلزال مع عاصفة ثلجية، ما زاد من هول الكارثة، إذ واجهت فرق الإنقاذ صعوبات في الوصول إلى الضحايا، لا سيما في الشمال السوري.
وارتفعت حصيلة ضحايا الهزات الأرضية التي تعرضت لها سوريا منذ فجر أمس الاثنين وحتى صباح الثلاثاء، إلى 1558 حالة وفاة وإصابة أكثر من 3606 أشخاص، كحصيلة غير نهائية.