سكان حلب في الشوارع.. أبنية غير قادرة على مواجهة الزلازل

حلب ـ نورث برس

لم يجد سكانٌ في حلب وسيلة لدرء مخاطر حدوث هزات أرضية مماثلة للتي حدثت أمس الاثنين، إلا اللجوء إلى الشوارع القديمة أو قصد أماكن خارج نطاق المدينة.

وانتشر من نجى من الزلزال، الذي بلغت شدته 7.7 في الساعة 4.17 دقيقة فجر الاثنين، شمال لواء اسكندرون، في شوارع حلب وتحت المطر والعواصف وفي البرد القارس بعدما غادروا منازلهم أثناء حدوث الزلزال.

ثم تبعه هزة أخرى بقدر 6.4 في منطقة طوروس، ثم زلزال على الحدود السورية التركية بقدر 6.3 ثم 4 هزات بقدر 5 درجات في منطقة اسكندرون. ليبلغ عدد الهزات التي حصلت 18 هزة حتى الساعة الثامنة والنصف صباحاً من الاثنين، حسب مدير المركز الوطني لرصد الزلازل.

وحصلت هزة جديدة الساعة 1.24 دقيقة بعد ظهر اليوم ذاته، في وسط تركيا بقوة 7.7 درجات شعر بها سكان عدد من المناطق في سوريا، العراق ولبنان، حسب وكالة الأنباء السورية “سانا”.

وبات مشهد الخوف والهلع هو المسيطر على سكان حلب، إثر الزلازل غير المسبوقة التي تشهدها المدينة ومجمل المناطق السورية.

ورصدت نورث برس، أمس الاثنين، فقدان 161 شخصاً حياتهم وإصابة 483 آخرين، في مدينة حلب وريفها الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، إضافة لتعرض عدد كبير من المباني للدمار.

وافتتحت محافظة حلب أكثر من 175 مركز إيواء مؤقتة للمتضررين من الزلزال الذي ضرب سوريا.

وفي حصيلة غير نهائية، سجلت وزارة الصحة في الحكومة السورية، اليوم الثلاثاء، ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 1448 إصابة و769 وفاة في محافظات حلب، اللاذقية، حماة، ريف إدلب، طرطوس.

وبات الرعب يمتلك سامي الحوري (35 عاماً) وهو من سكان حي الأعظمية، “بسبب هذا الزلازل غير المألوف نشعر بهزات تحدث بين الفينة والأخرى ومع كل اهتزاز نهرع للنزول للشوارع نحن وأطفالنا ولا ندري ما العمل؟”.

ويضيف لنورث برس: “نقبع بالبرد وتحت المطر لساعات ريثما تهدأ نفوسنا ويزول الخوف قليلاً ثم نصعد للمنازل، وطبعا نحن بحالة قلق وخوف شديد”.

ويقطن “الحوري”، في الطابق الرابع، “والبناء الذي أسكنه قديم ومتهالك ولا أعتقد أنه شيِّد ليواجه الزلازل”.

ويقول: “لم يبقَ لنا فقط أن نتضرع لله وتنتظر ماذا سيحصل. ونأمل أن تتبدد مخاوفنا ونعود لحياتنا فيكيفنا مصاعب بهذه الحياة التي بتنا نفقد فيها حتى الأمان وراحة البال”.

ويصف “الحوري” الرعب الذي يعيشه اليوم سكان حلب بأنه “يفوق رعب الحرب الذي عشناه طوال السنوات الماضية”.

وفضل روني خياط (41 عاماً) من سكان حي الميدان في حلب، هو وعائلته أن يقضوا يومهم وحتى ليلتهم في سيارتهم بعيداً عن الحي الذي يصفه بـ”بيئة خصبة لنشوء الزلازل”.

ويرى أن الأبنية “باتت أشبه بعلب بسكوت متراصة بعيدة عن أي مواصفات مقاومة للزلازل، إذ لا معايير بالأبنية في حي الميدان كباقي الأحياء الحلبية أبنيته متهالكة وأي هزة أرضية قد تطيح بها”.

وبحسب اعتقاد “خياط”، فإنه حتى الشوارع “غير آمنة  فنزولنا للشوارع الضيقة سيزيد من خطورة الموقف. لذلك أفضِّل أن أستقل سيارتي وأبات ليلتي أنا وعائلتي  بأطراف المدينة ريثما  تهدأ الأمور”.

وذهبت نسرين حمام (30 عاماً)، من سكان حي حلب الجديدة، في منحى آخر في وصفها للحال الذي أوصلهم إليه الزلزال.

وتقول لنورث برس: “من المؤسف أن هذا الزلزال قد كشف الكثير من عيوبنا، فنحن نفتقر لثقافة مواجهة الكوارث الطبيعية فلا فرق إغاثية تطوعية مدربة ولا يوجد هيئة زلازل فاعلة تعطي تعليمات وتوجيهات قبل وقوع الكارثة”.

وتضيف: “باختصار نحن ينقصنا كل شيء ومن المؤكد بعد هذه النكبة بتنا أحوج لمعونة من دول لها خبرات وازنة في مواجهة الكوارث نحن نتخبط حرفياً وآمل أن تنتهي هذه المحنة المؤلمة على خير”.

إعداد: جورج سعادة ـ تحرير: قيس العبدالله