عدَّاد الوفيات متحرك.. سوريون يتحدثون عن ليلة الزلزال المرعبة

دمشق ـ نورث برس

ليلة لا تشبه مثيلاتها على السوريين، زلزال يضرب منطقة شرق المتوسط، أصاب كل محافظات سوريا، ولكن أعنفها كان في الساحل (اللاذقية وجبلة) وكذلك حلب وحماة وهي المناطق الأقرب إلى مركز الزلزال في تركيا، لكن هذا لا يعني أن سكان بقية المناطق لم يعيشوا رعب الزلزال كدمشق وحمص، وغيرها من المحافظات.

“كان يوماً مرعباً”، بعض من الجمل التي كررها الكثير من الناجين في مدينة جبلة.  حيث انتشر من نجى من الزلزال في الشوارع وتحت المطر والعواصف وفي البرد القارس بعدما غادروا منازلهم أثناء حدوث الزلزال الذي بلغت شدته 7.7 في الساعة 4.17 دقيقة شمال لواء اسكندرون.

ثم تبعه هزة أخرى بقدر 6.4 في منطقة طوروس، ثم زلزال على الحدود السورية التركية بقدر 6.3 ثم 4 هزات بقدر 5 درجات في منطقة اسكندرون. ليبلغ عدد الهزات التي حصلت 18 هزة حتى الساعة الثامنة والنصف صباحاً، حسب مدير المركز الوطني لرصد الزلازل.

وحصلت هزة جديدة الساعة 1.24 دقيقة في وسط تركيا بقوة 7.7 درجات شعر بها سكان عدد من المناطق في سوريا، العراق ولبنان، حسب وكالة الأنباء السورية “سانا”.

“رأينا الموت”

تسبب الزلزال بسقوط مئات الضحايا وتصدع عشرات الأبنية، تقول لونا خضر من سكان اللاذقية لنورث برس، إنهم غادروا بيتهم الواقع في الطابق الرابع، وبسبب المطر الغزير والبرد القارس أمضوا الوقت من الرابعة فجراً إلى ساعات الصباح في السيارة.

وتضيف منيرة صالح،  لنورث برس، وهي من سكان مدينة جبلة، أنهم رأوا نهايتهم أمام أعينهم، وتقول: “لم نتوقع أن نتمكن من تجاوز الدرج والخروج من البناية. ولكن لطف الله مكننا من ذلك”، وكان عليهم التوجه إلى بيت أحد أبناءها الذي يبعد عن البحر أكثر من بيتها الواقع في الطابق الخامس وعلى البحر.

وتستعرض صفاء محمد، من سكان مدينة جبلة أيضاً حجم الخوف الذي شعرت به هي وأولادها ومحتويات بيتها “تتساقط من أماكنها كما تتساقط الثمار عن الشجر”. حتى غطى الزجاج المتكسر أرض البيت.

صراخ الأطفال في كل البيوت هو أكثر ما ذكره الأهالي الذين تحدثت إليهم نورث برس، والرعب الذي عاشه المسنون خاصة الذين تصعب عليهم الحركة لمغادرة بيوتهم.

مئات الضحايا

وخلال النهار بدأ الناس بتفقد الضحايا، وانتشرت أسماء الكثير من الأصدقاء والأهل الذين رحلوا تحت الأنقاض، أسر كاملة رحلت في هذا الزلزال.

وفي أحدث إحصائية قالت وزارة الصحة في الحكومة السورية، إن عدد الضحايا حتى الآن بلغ 339 وفاة، و1089 إصابة، في حصيلة غير نهائية، لكل من محافظات (حلب اللاذقية حماة طرطوس)، ففي اللاذقية 139 ضحية لوحدها تبعاً لتصريح محافظ اللاذقية، وأن عمليات الإنقاذ ما زالت مستمرة، ووجهت المحافظة بفتح أبواب الفنادق الخاصة أمام الأهالي الذين فقدوا منازلهم لإيواء المحتاجين. 

في حين لا تقل المشاهد المنشورة من حلب وإدلب مأساوية عن الكوارث في الساحل، فمشاهد الأنقاض تنتشر من تلك المحافظات ومحاولات الإنقاذ مستمرة.

وقدر عدد الأبنية المنهارة في مدينة جبلة لوحدها بنحو 21 بناء. خاصة أن الكثير من الأبنية في سوريا شيدت دون تحقيق المواصفات المطلوبة، أو أن البناء قديم خاصة في المناطق الساحلية وأكلت الرطوبة الكثير من قوته، مع صعوبة التحسين في البناء نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما قال عضو في مجلس مدينة جبلة لنورث برس.

استنفار

ونظراً لحجم الأضرار الكبير الذي وقع على السوريين الذين لم يكن ينقصهم حدوث زلزال وموت بعضهم تحت أنقاض منازلهم، اجتمع الرئيس السوري بشار بالأسد بالفريق الحكومي، في إشارة إلى استنفار الدولة السورية على أعلى مستوياتها، وتم وضع خطة تحرك طارئة تقودها غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار الساعة، إضافة إلى فرق ميدانية على الأرض.

وأعلنت مختلف الوزارات عن وضع كامل إمكاناتها تحت الخدمة خاصة للوزارة التي لديها معدات وآليات لرفع الأنقاض، والعمل على إنقاذ الأرواح، وإزالة الأنقاض، والعمل على تأمين مراكز الإيواء والغذاء للمتضررين بشكل عاجل.

وأعلنت بعض الفعاليات الاقتصادية كغرفة صناعة حلب وغرفة زراعة دمشق عن جاهزيتها لتقديم المساعدات لصناديق الطوارئ لمساعدة المتضررين الناجين الذين تشردوا خارج بيوتهم.

كما عرضت بعض الدول تقديم المساعدة للشعب السوري مثل: الإمارات وفرنسا وألمانيا ومفوضية الاتحاد الأوروبي، ومصر وإيران وروسيا والملياردير “مالك تويتر” أيلون ماسك، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وذلك حتى إعداد هذا التقرير.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله