الانهيار الاقتصادي في الجنوب السوري بين فشل حكومي وعقوبات

السويداء/ درعا – نورث برس

إنتاج محلي من مواد زراعية تباع بسعر الدولار، بيض المداجن مشمول بعقوبات قيصر، بصل حوران صنف على قائمة “الإرهاب” في البلاد  ليتحول البصل إلى موز في البلاد بهذه التناقضات بدأ سليمان الحمد (42عاماً) اسم مستعار لمزارع من محافظة السويداء، حديثه لنورث برس.

وقال: “نعيش أوضاعاً اقتصادية مزرية وصلت حد عدم قدرت السكان على تأمين قوتهم اليومي”.

وأضاف أن الإنتاج الزراعي في الجنوب السوري لا يستفيد منه المواطن، “يشترى من الفلاحين محصولهم في الموسم  بأسعار الليرة وعندما يباع في الشتاء يتحول إلى منتج يباع بأسعار صرف الدولار”.

هذا واشترت السورية التجارية التابعة للحكومة في موسم التفاح أفضل أنواع تفاح السويداء الصالح للتصدير  بسعر 1700 ليرة للكيلو، بينما يباع  النوع الثاني منه اليوم في الأسواق بثلاثة آلاف ليرة للكيلو.

ويتساءل “الحمد”: “ما هو مفهوم دعم الدولة، أين تذهب أموال المواد المصدرة، ثم يخمل عبء تخزين المحصول للمواطن العادي وتبيع الدولة منتجاته الزراعية بأسعار الدولار بحجة العقوبات”.

معاناة لا تنتهي

تعاني  مناطق سيطرة الحكومة من عدم  توافر الكهرباء والمحروقات الأمر الذي انعكس على باقي القطاعات وأدى لارتفاع الأسعار.

ويشير ”الحمد” إلى أن المواطن والمزارع والتجار الصغار “هم ضحية فساد  المسيطرين من الحكومة على سوق الاستيراد والتصدير”. 

ومنذ مطلع العام الجاري، تعاني الأسواق في محافظة السويداء من ضعف في الحركة الشرائية، نتيجة الارتفاع المستمر للدولار أمام الليرة، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق وسط تذبذب بسعر الدولار والذي وصل مؤخراً إلى 7400ليرة.

وباستهزاء يعبر “الحمد” عن الواقع الذي وصلوا إليه بالقول: “خرجوا من الحرب مدعين النصر وأدخلوا البلاد بحرب اقتصادية وعقوبات  بسبب فسادهم”.

والجارة درعا لم تكن بمنأى عن حساب الأسعار بالدولار، اذ يعاني سكان المحافظة من الأوضاع الاقتصادية رغم ما تتمتع به من وفرة في الإنتاج الزراعي.

ويعد بصل حوران أهم منتجات درعا الزراعية إلا أنه اليوم شبه مقطوع بالأسواق بعد أن وصل سعره ل7000 ليرة.

يقول محمود الحلقي صاحب محل خضروات في ريف درعا الشرقي،  لنورث برس، إن أسعار الخضار والفواكه ازدادت بشكل كبير بسبب ارتفاع تكاليف نقلها وتخزينها.

وأضاف “الحلقي” أن سعر البصل رغم أنه يزرع في محافظة درعا إلا أن سعره وصل لأكثر من 7000ليرة.

وأفاد أن سبب الارتفاع هو قلة برادات تخزين الخضروات التي يتم إنتاجها في فصل الصيف.

وأوضح أنه سابقا كان يتم تخزين الخضار بأسعار مناسبة بحيث تزيد في فصل الشتاء بنسبة قليلة وهي تكاليف التخزين في البرادات.

 وأردف: “الآن أصبحت تكاليف التخزين عالية جداً بسبب عدم توفر الكهرباء بشكل دائم مما يجبر أصحاب البرادات على تشغيل مولدات كهرباء تعمل على المحروقات إذ وصل سعر ليتر المازوت لأكثر من عشرة آلاف ليرة سورية”.

ونفى “الحلقي” أن يكون ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه المحلية مرتبط بقانون قيصر للعقوبات على سوريا “وأصبح قانون قيصر حجة لتبرير عجز مؤسسات النظام”، حسب قوله.

دولار وعقوبات

بين تبرير الحكومة لإغراق البلد بأزمة اقتصادية، بالعقوبات التي فرضت على الدولة، وبين واقع يقول إن الحكومة تعاني من فساد وإهمال لموادها الطبيعة وسط عجزها عن تقديم حلول، يبقى السكان هم الخاسر الأكبر.

يقول عبد الحكيم المصري وزير المالية في الحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة السورية  لنورث برس، إن “النظام السوري كان سابقا يدعم بعض المواد  لكنه عملياً خفف الدعم الاجتماعي لعام 2023”.

ويضيف، أن  المواد المدعومة من قبل “حكومة النظام” حفظها بحيث أصبحت عدة مواد فقط مثل حليب الأطفال والقمح.

وأفاد أن “النظام السوري يعطي التجار الدولار من أجل استيراد المواد من الخارج بالسعر الرسمي الذي يصدره البنك المركزي بينما سعر الدولار في السوق السوداء  أعلى من ذلك بأكثر من خمسين بالمئة وهذا يعني أن التجار سوف يضيفون فرق تصريف الليرة السورية على أسعار المواد”.

 وأوضح أن “النظام السوري يتذرع بأن ارتفاع الأسعار  بسبب قانون  قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية”.

ونوه المصري أن “نظام الأسد ليس لديه ناتج محلي وحتى الصادرات لا تتجاوز عشرات الملايين بينما كانت تسعة مليارات قبل اندلاع الثورة السورية مطلع العام 2011″.

وحمل المصري، “النظام السوري مسؤولية التدهور الاقتصادي وباكتفائه بوضع اللوم على قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية”.

وبرر الوزير ذاك بعيداً عن وجود قانون قيصر  بأن  “النظام لا يملك  أموال لشراء النفط ،  أو عملات صعبة لاستراد المواد الأولية”.

سبب الغلاء

وشدد على أن التجار لن تسحب أسعار المواد على سعر المركزي (٦٦٥٠) إنما على أسعار السوق السوداء فالأسعار إلى الارتفاع المتزايد مع فقد الليرة قيمتها الشرائية، بحسب قول الوزير.

ونوه المصري إلى أنه “منذ بداية الثورة تضاعف سعر صرف الدولار 150مرة  تقريباً  فتزايد الأسعار أمر  بديهي في ظل هذا الارتفاع”.

إعداد: إحسان محمد / رزان زين الدين – تحرير: قيس العبدالله