مجزرة تل رفعت تخطف طفليْن من عائلة واحدة وتزيد معاناتهم بعد الهجرة القسرية من عفرين

ريف حلب الشمالي – دجلة خليل – NPA

مياسة عصمت إبراهيم سيدة عفرينية وأم لخمسة أولاد، هُجّرت من مدينتها عفرين بعد أن سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا وبدعم منها، لتنزح إلى مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي بمسيرة شاقة ومتعبة سيراً على الأقدام حالها كحال معظم مهجّري عفرين.

هذه الأم كان لها في الألم فصول أخرى بعد أن قتلت فصائل المعارضة ولديْها سمير ومحمد ضمن مجزرة تل رفعت التي ارتكبتها الفصائل بدعم تركي الأسبوع الفائت وراح ضحيتها عشرة مدنيين من بينهم ثمانية أطفال.

وتروي الأم مياسة قصة معاناتها وخروجها من مدينة عفرين لـ"نورث برس"، وتقول: "بعد أن قُصف المنزل المقابل لبيتي، أخرجتُ أطفالي من القبو وخرجنا تحت القصف، سرنا على الأقدام حتى جبل الأحلام، لم ندرك إلى أين نذهب فقط كنا نتبع الناس".

وتضيف بأنها وبالرغم من حزنها على مدينتها ونومها في البرد والعراء، إلا أنها كانت ممنونة لأنها أخرجت أطفالها سالمين.

وتكمل في سرد معاناتها، "نظفنا بيتاً في تل رفعت وسكنا فيه ريثما يفرجها الله علينا ونعود إلى عفرين، لم أدرك بأن "أردوغان" سيلحق بنا إلى هنا أيضاً، أردوغان لا يلاحق العسكريين وإنما يريد قتل المدنيين والأطفال".

تقول مياسة إنها كانت تخشى من إرسال أطفالها إلى المدرسة، ولكنها رضخت للظروف وأرسلت أولادها كما فعل الجميع، وتصف يوم حادثة المجزرة، "عاد ابني من المدرسة وكان يقوم بواجباته المنزلية، وذهب الآخر إلى "كومين الحارة"، والدهم كان جالساً في الشارع مع الجيران بالقرب من مكان وقوع القذيفة، بينما كنت أعدُّ القهوة لضيوفي".

وفجأةً تسمع مياسة صوتاً قوياً ولا تدرك ماذا حدث بالضبط، خرجت إلى الشارع إلا أنها لم ترَ شيئاً بسبب كثافة الدخان الذي تسببت به القذيفة، وظنت أن زوجها فقد حياته، لكنها لم ترَ أطفالها الممددين على الأرض.

"لم أتوقع أن يكون أطفالي هناك، كانوا في الغرفة يدرسون، كنت حريصة على عدم خروجهم إلى الشارع، لم أتوقع أنه في لحظة خروجهم ستقع تلك الكارثة.. ربما هذا هو قدرهم!"، هكذا قالت مياسة.

وتكمل، "خرجت مناديةً زوجي عبدو، وصلتُ إلى منتصف الشارع وجدت ابني أمامي، مشهد لا يوصف، ناديت زوجي وقلت له هذا ابننا، نظرت إلى الجانب الآخر وجدت ابني الأكبر قد سقط أيضاً".

وتقول إن أباهم كان يركض لإنقاذ الأطفال المصابين ولم يعرف أن أولاده أيضاً من بينهم، "ما ذنبهم.. ماذا يريدون منّا.. ماذا يريد أردوغان منّا!؟" هكذا تصف الأم مياسة تلك اللحظات التي فقدت فيها ولديها.

وتضيف أنها ربتهم بصعوبة بسبب وضعهم المادي السيء، لكن المجزرة تسببت بألم أكبر مما تتحمله عائلة الطفلين سمير ومحمد، وبات الإخوة المتبقين يعانون من أزمة نفسية بسبب فقدانهم لأخويْهم.

فتقول مياسة في ختام حديثها مع "نورث برس"، إن أولادها الباقيين لا يستطيعون تحمّل غياب إخوتهم "يبكي ابني ويقول أحضروا لي أخي، من أين آتي له بأخوته الذين ماتوا!، يتذكرون إخوتهم، وينادون بأسمائهم دائماً، يقول ابني ياليتني كنت معهم ومتّ، تخيلوا طفل يتمنى الموت".