ضحايا “التنين” في طرطوس يشهدون على مآسيهم السنوية والخسائر بالملايين
طرطوس _ نورث برس
التاريخ فقط هو ما يجعلك تميز بين مآسي المزارعين والأضرار التي أصيب بها منتجو البيوت البلاستيكية في محافظة طرطوس هذا العام أو في الأعوام السابقة.
“المنطار، سهل الميعار، سهل يحمور الهيشة شاكر الشاطىء” أسماء مناطق وربما منتجون ذاتهم تحت رحمة التنين البحري كل عام.
وزارة الزراعة أشارت في أكثر من مناسبة إلى أن طريقة تجهيز البيوت البلاستيكية “غير مطابقة للمواصفات المطلوبة من حيث أنواع الحديد ودرجاته”.
وأشار وزير الزراعة خلال لقاءاته العامة أن “من لا يلتزم بتحقيق هذه المواصفات لن يتمكن من الحصول على تعويضات أضرار بعد انتهاء المدة المحددة لذلك”.
المهندسة الزراعية علا العلي في إحدى الوحدات الإرشادية بطرطوس بينت لنورث برس، أن الأضرار تتكرر في كل عام مع الحالة الجوية، وأن المزارعين يزرعون تلك البيوت بنوع من المغامرة لأن الخيارات أمامهم محدودة، إذ لا مورد رزق بديل.
وأشارت إلى أنه يجب “تغيير المنطقة وزراعة بيوت بلاستيكية في مناطق محمية من الرياح والتنين البحري، ويجب على الحكومة وليس وزارة الزراعة فحسب أن تتدخل وتمنع مسلسل الهدر السنوي والخسارات المتلاحقة”.
وأضافت “العلي” أنه في العام الماضي مثل هذه الأيام تعرضت نفس المناطق في طرطوس لثلاثة تينينات في يوم واحد، وكانت حصيلتها تضرر أكثر من 30 بيتاً.
وبعد كل كارثة طبيعية من هذا النوع تصل وفود من الزراعة والتأمين ويتم حصر الأضرار ميدانياً، ومن لديه أوراق نظامية بملكية الأرض يحصل على تعويضان بنسب مختلفة لكنها لا تغطي التكاليف الحقيقية للخسارة.
تحت الصفر
مشهد الوجع الذي يعيشه المنتجون هو ذاته أيضاً، إذ تنتشر صور أصحاب البيوت الذين يتفقدون ما بقي من موسم وضعوا فيه كل أمالهم ودفعوا لتجهيزه كل مدخراتهم.
يقول مصطفى الحسن، من المنطار في طرطوس “لقد عدنا إلى تحت الصفر ثانية بعدما خسرنا كل ما دفعناه وهو يتفحص ما بقي من محصول البندورة التي وصلت إلى الإنتاج”.
ويضيف أن تكاليف الوصول لهذه المرحلة كلفهم الملايين من أسعار النايلون إلى الخيطان إلى شتل البذر والأسمدة، وكل هذا دون التعب وأجور العمال.
ويشير مزارع متضرر آخر إلى أن خسائره مضاعفة لأنهم يستجرون المواد من الصيدلية الزراعية على نية التسديد على الموسم، ومع خروج البيت من الخدمة ستصبح المبالغ التي يجب تسديدها للصيدلية الزراعية تساوي قيمة خسائره.
أرقام الخسائر
رئيس دائرة صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية في زراعة طرطوس حيدر شاهين، قال إن التنين البحري لصباح السبت ضرب كل من قرية “القلوع، الدروك، وتشير التقديرات الأولية إلى تضرر 70 بيتاً بلاستيكياً في طرطوس مزروعة بالبندورة والكوسا والخيار”.
وأضاف أن عدد المزارعين المتضررين لهذا اليوم يصل إلى 20 مزارعاً تصل نسبة أضرارهم إلى 60%.
ومن الأضرار أيضاً تطايرت شرائح النايلون بسبب الرياح الشديدة التي ضربت قرى (المقعبرية، جناد والبيضة) في ريف بانياس الجنوبي.
وأشار شاهين إلى أن عدد البيوت المحمية التي تضررت في نهاية الأسبوع الماضي بلغ 220 بيتاً، أضرار بعضها وصلت إلى 100%، ودعا المتضررين إلى ضرورة التأمين على بيوتهم للحصول على تعويضات عن أضرارهم.
إلزامية التأمين
وكانت حصيلة البيوت المتضررة في العام الماضي تبعاً لإحصاءات وزارة الزراعة 950 بيتاً، وبلغت قيمة التعويضات 230 مليون ليرة لكل من محافظتي طرطوس واللاذقية، في مطلع العام الماضي.
وفي منتصف العام ذاته أطلقت رئاسة مجلس الوزراء السورية مشروع التأمين الزراعي، وكان التأمين إلزامي على البيوت المحمية، فضمن خطة إيجاد حل لمشكلة الملايين التي يفرض على الحكومة دفعها لتعويض جزء لا يتجاوز 10% من خسائر بعض المنتجين الذين يحققون الشروط المطلوبة ويهاجمهم التنين.
إذ أن التأمين الإلزامي يساهم فيه المزارع بدفع مبلغ يصل إلى 14 مليون ليرة ويحصل على تعويض قيمته 5 ملايين ليرة عن كل بيت بلاستيكي، وتتحمل الحكومة قسطاً من التأمين، لكن مشكلة توزع الحيازات وتعدد الملكية في العقارات تحول دون إنجاز المعاملة المطلوبة لدى الكثير من المزارعين.