دولار واحد يطيح بأكثر من 1650 دينار عراقي ويرهق الأسواق والسكان

أربيل ـ نورث برس

يواصل الدولار الأميركي الارتفاع أمام الدينار العراقي، حيث تخطى خلال الأسبوع الماضي حاجز 165 ألف دينار لكل 100 دولار. وأضحى كل دولار واحد يعادل نحو 1650 دينار عراقي.

وأدى ارتفاع صرف الدولار، إلى مضاعة أسعار المواد الغذائية الرئيسة التي يستهلكها المواطن العراقي، وفي مقدمتها الطحين والخبز واللحوم والخضار والفواكه، ما أرهق الأسواق وتسبب في انخفاض حركة البيع والشراء.

وفي سوق “شيخ الله” الشعبي وسط مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، يحاول العراقيون البحث عن أفضل السلع بأرخص الأسعار، إلا أن ارتفاع الدولار نال حتى من الحلويات الشعبية التي تباع على العربات.

“أتعب الناس”

وقال منير حسين، وهو صاحب عربة حلويات في سوق “شيخ الله”، لنورث برس، إن “ارتفاع الدولار أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية التي يحتاجها لصناعة الحلويات، وفي  مقدمتها الطحين والسكر والزيت”.

وأضاف “حسين” أن “ارتفاع أسعار هذه المواد، أجبره على رفع سعر كيلو الحلويات إلى خمسة آلاف دينار، بدلاً من ثلاثة آلاف”.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت أسعار المعلبات والفواكه واللحوم، ما أثر بشكل مباشر على فئة المتقاعدين، الذين يتقاضون مرتبات محدودة، ومنهم المواطن العراقي صلاح سعيد، الذي يحاول أن يجد في سوق “شيخ الله” ما يناسب جيبته.

وقال “سعيد” إن “ارتفاع سعر صرف الدولار أثّر على الحركة التجارية، وغلاء المواد أتعب الناس، خاصة المتقاعدين الذين يتقاضون نحو 500 ألف دينار شهرياً، ما يعني عجزهم عن شراء القليل من حاجاتهم”.

ولا يختلف حال صلاح سعيد عن لقمان سعيد، الذي شدد على أن “الأسواق الشعبية أضحت غالية، فكيلو غرام اللحم تجاوز الـ18 ألف دينار”.

ويتساءل “سعيد” في حديث لنورث برس، “كيف سيتمكن المواطن من شراء الطعام، خاصة العائلات الكبيرة، التي تضم خمسة أطفال؟”.

وكان سعر صرف الدولار مستقر منذ حوالي عام على  148 ألف دينار لكل 100 دولار، ومع نهاية العام 2022 وبداية العام 2023 ارتفع نحو عشرين ألف دينار ليصل إلى 165 ألف دينار لكل 100 دولار.

وفي الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، صرّح رئيس الحكومة العراقية، محمد شيّاع السوداني، الثلاثاء، لوكالة الأنباء العراقية، أن السعر الرسمي في البنك المركزي الآن 1460 لكل دولار واحد، ويباع في المصارف الأهلية 1470.

الأسباب

ويرى الخبير النفطي والاقتصادي، كوفند شيرواني، أن أسباب صعود الدولار غير المسبوق في العراق، تعود إلى أن “وصوله إلى الأسواق أصبح أقل”.

ويوضح “شيرواني” مسار الدولار الأميركي عندما يخرج من البنك المركزي إلى الأسواق العراقية: “يأخذ الدولار مسارين الأول ما يباع في نافذة العملة، وكان يباع يومياً 200 مليون دولار، لكن هذا الرقم انخفض إلى حوالي 70 مليون دولار”.

وأما المسار الثاني، “فهو التحويلات المالية للشركات التجارية والتجّار، الذين يستوردون مواد غذائية وسلع تجارية إلى الأسواق، فيحصلون على الدولار من المركزي، لكنهم يطرحون كميات قليلة من المواد الغذائية غير مطابقة لطلبات الاستيراد”، بحسب الخبير الاقتصادي.

واشترطت وزارة الخزانة الأميركية عدة شروط على التحويلات المالية، أولها الشفافية والوضوح في قوائم الاستيراد، بالتالي استحدث البنك المركزي العراقي، منصة الكترونية تتقدم عليها كل الشركات الطالبة لشراء العملة، وفقاً للشروط الدولية.

وأضاف “شيرواني”، أن “أغلب الشركات عجزت عن الالتزام بهذه الشروط، بالتالي انخفضت التحويلات إلى نسبة سبعين بالمئة عما كانت في السابق، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عرض الدولار المتوفر في الأسواق، ما دفع التجار للذهاب الأسواق، وشراء الدولار بشكل مباشر بأسعار أغلى”.

والأمر الملاحظ منذ عدة سنوات أنه حتى في مزاد العملة، بحسب الخبير، “كان الدولار محتكراً من قبل عدد قليل من البنوك وشركات الصيرفة، المدعومة من جهات متنفذة وشخصيات في الدولة العراقية، بالتالي أصبح الدولار محتكراً لتحقيق أرباح غير مسبوق، على حساب قيمة الدينار”.

ويرى “شيرواني” أن ارتفاع الدولار لم يتجاوز العشرة بالمئة، لكن أثر ارتفاعه على أسعار السلع في الأسواق بلغ نحو خمسين بالمئة، فانخفضت قيمة مرتب الموظف العادي بحدود أربعين بالمئة، ما أثر بشكل مباشر على حياة المواطن”.

ويؤكد الخبير النفطي أن”البنك المركزي العراقي، يفترض أن يعيد النظر في الإدارات العليا، وأن تحال الأمور النقدية إلى أشخاص لديهم خبرة ويتسمون بالنزاهة، وغير مرتبطين بشخصيات حزبية أو سياسية، لأن الأمر مرتبط بمعيشة المواطن العراقي”.

إعداد: سهى كامل ـ تحرير: قيس العبدالله