سوريون خلال الحرب.. فقر ونزوح وانزياحات سكانية وتراجع في التعليم والصحة

دمشق ـ نورث برس

أظهر تقرير حالة السكان 2020، الكثير من المؤشرات السلبية لواقع سكان سوريا خلال الحرب، حيث أشار التقرير إلى اختلالات كبيرة في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والصحي والديمغرافي.

واستعرض التقرير الرابع الذي تم إعداده بالتنسيق بين الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان الذي جاء تحت عنوان “العودة والاستقرار”، التغيرات التي طرأت على حالة السكان قبل الحرب وأثناءها.

(الفقر النزوح البطالة)

وذكر التقرير أن نسبة من يعانون الفقر خلال الأزمة تتراوح بين 75-80% تبعاً لدراسات لم يحددها التقرير، وذلك باختلاف وضع المحافظة، حيث ميز التقرير بين محافظات طاردة للسكان مثل حلب وإدلب، وأخرى جاذبة لهم مثل دمشق طرطوس اللاذقية السويداء.

وبين التقرير أن نسبة من يعانون من حالة الفقر المدقع وصلت إلى 8.15% من السكان في عام 2014 وكانت أعلاها في محافظات درعا ثم الحسكة والقنيطرة وحماة والرقة وريف دمشق وإدلب.

وذكر التقرير أن النزوح ساهم في انتشار الفقر وارتفاع معدلاته، إضافة إلى زيادة نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي مع اختلاف النسبة بين محافظة وأخرى، حيث يرتفع العدد في المحافظات الشرقية والشمالية دير الزور والرقة وحلب وإدلب والحسكة، وتنخفض في محافظات السويداء ودمشق وطرطوس واللاذقية.

وتراجعت الأجور بمعدل -6% بين عامي 2011 إلى 2019، وتراجعت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى نصف ما كانت عليه في 2010.

وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى نحو 31.2 في عام 2019 وذلك بسبب الأضرار التي تعرض لها القطاعين الزراعي والصناعي سواء من حيث تدمير المعامل وسرقة محتوياتها، أو من حيث ضياع الكثير من الأراضي الزراعية وعدم امكانية استثمارها.

النزوح بأنواعه

ومن القضايا التي أسهب التقرير في شرح آثارها موضوع النزوح وآثاره، حيث قدر التقرير أعداد المهاجرين واللاجئين في عام 2019 بحوالي 8.5 مليون لاجئ ومهاجر، وأن توقف الأعمال الأمنية لم يحد من الهجرة بسبب الظروف الاقتصادية التي تغلبت على الدوافع الأمنية، حيث ارتفعت معدلات الفقر، والفجوة بين الدخول ومتطلبات العيش، ومعدلات البطالة لتشكل بمجملها عوامل طاردة للسكان.

وقدر عدد السوريين الذين غادوا بلدهم خلال الأزمة بما يزيد عن 3 ملايين نسمة، أكثرهم من الشباب من عمر 15-  34 عاماً. حيث تركزت الهجرة الخارجية بين السكان من فئة الشباب في سن العمل والإنجاب، بمن فيهم المهجرين أو الذين غادروا للعمل أو الدراسة أو لأسباب اعتيادية أخرى.

يضاف إلى ذلك مغادرة حوالي نصف مليون نسمة من المقيمين في سوريا من غير السوريين والذين غادروها خلال الأزمة.

وبين التقرير أن الهجرة الداخلية تسببت باختلالات سكانية كبيرة، حيث أن ثلاث محافظات (دمشق وريفها وحلب) يقيم فيها حوالي 44% من عدد السكان على مساحة لا تتجاوز 19.8% من المساحة الإجمالية، بينما يقيم 17% من مجموع السكان في ثلاث محافظات وهي (الرقة دير الزور الحسكة) وتشكل مساحتها 41.1% من المساحة الكلية، ويقيم 9% من السكان في محافظتي طرطوس واللاذقية اللتان تشكلان 2.2% فقط من المساحة السورية في 2010.

ربع السكان

وأنه خلال الأزمة شهدت سوريا انزياحات سكانية داخلية ملحوظة وباتجاهات متعددة وربما متكررة بين المحافظات، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن ثلث سكان سوريا على الأقل قدّر لهم أن قاموا بحركة نزوح أو أكثر من مكان إقامتهم الاعتيادي إلى مكان آخر، سواء أكان هذا المكان الذي نزحوا إليه هو مكان إقامة عائلاتهم الأصلية أو غير ذلك. ويقدّر أن ربع السكان تقريباً (حوالي 5 مليون نسمة) هم الآن خارج مناطق سكنهم أو سكن عائلاتهم الاعتيادي.

ومن المتوقع أن تمتد الآثار السلبية لهذه الحركة السكانية غير الاعتيادية في سوريا لفترات زمنية ليست بالقليلة ما بعد الأزمة، فبالإضافة للآثار السلبية التي طالت كافة المؤشرات التنموية والتي يحتاج بناؤها من جديد إلى فترات زمنية طويلة، فلقد أصاب البنى التحتية في مناطق كثيرة ضرر كبير منها موضوع السكن بل حتى فقدانه، كما أن الضرر الذي لحق بالخدمات الأساسية يحتاج إلى فترات طويلة لإعادتهم إلى مكان إقامتهم لاحقاً.

وقد يؤدي ذلك إلى تأخر عملية عودة المهجرين لمدنهم وبالتالي إعادة التوازن الجغرافي إلى ما كان عليه قبل الأزمة على أقل تقدير.

وأشار التقرير أيضاً إلى ارتفاع نسبة العازبين بين محافظة وأخرى، حيث كانت أعلى النسب في محافظات طرطوس ودرعا وحماة وحلب، وأقلها في السويداء، ذلك بسبب الظروف الاقتصادية والأزمة وارتفاع تكاليف المعيشة والزواج.

إضافة إلى ارتفاع نسبة وفيات الأطفال والأمهات، نتيجة انخفاض نسبة الولادات تحت الإشراف الطبي، وكذلك ارتفاع نسبة الزواج المبكر دون 18 عاماً إلى 24% وكانت أعلى النسب في حلب ودرعا وريف دمشق، وأقلها في طرطوس واللاذقية والسويداء وحمص أقل من 18%.

وذكر التقرير تراجع الإنفاق على تكوين الموارد البشرية خاصة في التعليم والصحة، حيث تراجع الإنفاق على التعليم بين 5- 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، والإنفاق على الصحة انخفض إلى النصف أيضاً خلال الأزمة، وذلك بسبب الأضرار الكبيرة التي تعرض لها القطاعين، حيث وصلت نسبة المدارس التي تعرضت لتدمير كلي أو جزئي  إلى أكثر من 29%.

وانتشرت ظواهر كانت في طريقها للاندثار مثل التسرب المدرسي، وعمالة الأطفال والزواج المبكر، وارتفعت معدلات البطالة.

وفي ظل تداعيات الأزمة الحالية، يتوقع انخفاض في كل من معدلي الخصوبة الكلية والزواجية، وبانخفاض مؤقت، نتيجة التأخر في أو تأجيل الزواج أو الحمل إلى فترة لاحقة نتيجة عدم الاستقرار للسكان والنزوح نتيجة الأزمة والهجرة بين الشباب في سن الإنجاب، بحيث من المقدر أن يكون معدل الخصوبة الكلية قد تراجع إلى حوالي ثلاثة مواليد والزواجية إلى حوالي 5 مواليد في عام 2020، وهذا سينعكس على معدلات النمو وحجم السكان خلال فترة الأزمة والسنوات اللاحقة.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله