حي سكني في ديرك مسجل “إداري” لكنه بلا خدمات وسكانه يعانون

ديرك ـ نورث برس

تحرص جيان حسن، (38 عاماً)، على ألّا تستنشق الروائح المنتشرة في أرجاء حيها، من خلال حجب أنفها وفمها أثناء الخروج من المنزل.

وتسكن “حسن” في حي جودي “خيركا” شمال شرقي مدينة ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، وهي أم لخمسة أطفال وتعاني من مرض الربو.

ونتيجة لوضعها الصحي، تحتاج السيدة لأكثر من علبة “بخاخ” للربو، في أقل من شهر، لأنها تضطر لاستعماله ليلاً ونهاراً.

ويشهد حي جودي، تردياً في الخدمات، من تصدّع أنابيب مياه الصرف الصحي القادمة من منازل الحي البالغ عددها 266 منزلاً إلى الشارع الوعر في الحي، ما يؤدي لانبعاث روائح كريهة ومزعجة تتسبب بأمراض.

“وما يزيد الطين بلة” بحسب “حسن”، هو قيام أصحاب خانات تربية المواشي الموجودة في الحي، والبالغ عددها نحو 60 خاناً، بتنظيفها ونقل الروث إلى مجرى النهر الذي يمر بجانب الحي، والذي تحول مع مرور الوقت إلى مكب غير رسمي للنفايات.

وتضطر وضحة رمو في العقد الرابع من العمر وهي أم لخمسة أطفال، أن تتحمل كبقية سكان الحي المعاناة اليومية التي يمرون بها، رغم أن عائلتها هي الأكثر تضرراً، على حد قولها، نظراً لمحاذاة منزلها لمجرى النهر الذي تتجمع فيه النفايات ومخلفات الخانات.

ومنذ فترة قصيرة، عادت “رمو” بصحبة ابنها من مدينة دمشق، بعد أن خضع لعملية جراحية في رأسه، وحفاظاً على سلامته وصحته، نصحها الكثير من الجيران والأقارب بالانتقال إلى حي آخر بعيداً عن الروائح الكريهة والحشرات المتطايرة الناتجة عنها.

تقول المرأة الأربعينية، لنورث برس، إنه “لا أحد يتحمل البقاء هنا لساعة واحدة، و كل من يأتي لزيارتنا في المنزل لا يبقى طويلاً، بسبب الروائح المنبعثة ، والحشرات التي لا تهدأ”.

لكن وبسبب وضعهم المادي الذي لا يسمح لهم بذلك، فلن تستطيع ترك منزلها خاصة وأنهم يقطنون فيه منذ عشرين عاماً.

وليس بعيداً عن منزل وضحة رمو، تجلس بهية سليمان، (70 عاماً) أمام منزلها، وهي تتأمل شوارع الحي الوعرة، والتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

تقول “سليمان” لنورث برس، إن الوضع الخدمي للحي، لم يطرأ عليه أي تغيير، فالحال على ما هو عليه منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

وعلى الرغم من أن سكان الحي تجمعوا وطالبوا البلدية مراراً بتحسين وضع الحي، بدءاً من تسوية الشوارع وتنظيف مجرى النهر وصولاً إلى نقل الخانات الملاصقة للمنازل لمنطقة أخرى، إلا أن مطالبهم لم تلق أي آذان صاغية، سوى فرش عدد من أزقة الحي بمادة البقايا فقط دون المجبول الزفتي، ما زاد الوضع سوءاً.

وعزت بلدية الشعب في مدينة ديرك، سوء الوضع الخدمي في حي جودي، إلى أن الحي يعتبر منطقة إدارية، وليست منطقة سكنية.

وأوضح الرئيس المشارك لبلدية الشعب، شيروان خليل، أن البلدية عملت وفق الإمكانات المسموحة لها هناك، من خلال تهذيب وتنظيف مجرى النهر  منذ عامين وبناء جسر جديد فضلاً عن تسوية وضع بعض الشوارع.

وأشار المسؤول في حديث لنورث برس إلى أنه تم رفع طلب إلى هيئة البلديات في إقليم الجزيرة، أواخر عام ٢٠٢٢ الماضي، للعمل على تغيير صفة تلك المنطقة من إدارية إلى سكنية، وهم على أمل تحقيق ذلك، بحسب المسؤول.

ووسط وعود بتسوية وضع الحي، تستمر معاناة سكانه الذين لا يملكون سوى الصبر لحين إيجاد حل جذري لمشاكلهم المتراكمة، على حد قولهم.

إعداد: أمل علي ـ تحرير: قيس العبدالله