اقتصاديون سوريون يطالبون المركزي بمزيد من التعديلات لقرارات “هدامة” للاقتصاد

دمشق ـ نورث برس

منذ سنوات والفعاليات الاقتصادية بكافة أنواعها تشتكي إجراءات البنك المركزي وقيوده على الاستيراد والتصدير والعملة، وظلت تلك الإجراءات عصية على التغيير إلى أن تسببت بما وصفه مستوردون لنورث برث بآثار كارثية  على الاقتصاد الوطني.

وفي خطوة جديدة أصدر البنك المركزي تعديلات على طريقة التعامل مع عمليات التجارة الخارجية، وذلك من أجل تسهيل التصدير ومكافحة ظاهرة التصدير الوهمي التي شاعت بقصد تحقيق مكاسب من فرق سعر الدولار.

تعديلات

ومن أهم القرارات المعدلة هي التسهيل على المستوردين الاستفادة من كامل قطع التصدير لتمويل مستورداتهم، بعدما كان البنك يستحوذ على 50% من قيمة الصادرات بالدولار الذي يعيده لهم بالسعر الرسمي وهو أقل من سعر السوق وبالعملة المحلية.

أما الإجراء الثاني الذي اتخذه البنك فيتضمن تعديلات على القرار 1071 الخاص بتنظيم تعهدات التصدير، ولم يعد يسمح بتنظيم تعهد التصدير، إلا ممن لديهم ملاءة مالية.

موظف سابق في البنك المركزي قرأ الغاية من هذا القرار لنورث برس، بأن هذا الإجراء يهدف “للحد من فئة المصدرين الوهميين وغير الحقيقيين، الذين ينظمون تعهدات التصدير بأسمائهم، في حين يمارس عملية التصدير الفعلية واستلام القطع الأجنبي أشخاص آخرون، يتهربون من تطبيق الأنظمة والقوانين”.

الخطوات الأولى

تفاوتت آراء أصحاب الفعاليات الاقتصادية نحو هذه الإجراءات فهنالك من وصفها بالخطوات الأولى للطريق الصحيح، وهنالك من أشار لنورث برس، أن المركزي تأخر كثيراً في تصحيح سياساته النقدية، وأن الكثير من الصناعيين والتجار غادروا سوريا، ومن بقي هم من المتنفذين الذين لا تسري عليهم قوانين المركزي.

أضاف الصناعي رضوان سيفو، لنورث برس، أن حركة التصدير أصبحت محدودة بسبب قلة الإنتاج، الناتج عن الحصار الخارجي والداخلي للمنتجين، وبسبب عجزهم أمام المنافسة الشديدة من دول الجوار بعد ارتفاع تكاليف المنتجات السورية.

وبين “سيفو” أن العلاج وتعافي الاقتصاد يحتاج إلى سلة من الحلول أولها التسهيلات الحكومية، ومن ثم إصلاح اقتصادي جذري.

تسهل وتكافح

في حين وصف الاقتصادي زين زهران (اسم مستعار) لدكتور يدرس في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية أن هذه الإجراءات بداية حل، وأنها تسهيل لعمليات التصدير ومكافحة التصدير الوهمي.

ولكن هنالك من يخالف الاقتصادي في الرأي، ويرى أن تطبيق القرار 113 الخاص بالتصدير الوهمي لن يجدي نفعاً، لأن من يستطيعون تنظيم البيانات السرية لحسابهم، سيجدون غطاء الملاءة المالية للمصدر الوهمي، وسيتمكنون من الاستمرار في السرقة والنهب.

أضاف أستاذ الاقتصاد أن هنالك الكثير من الإجراءات التي يجب تغييرها وهي لا تقل أهمية عما تم تعديله، وأن هذه التعديلات يمكن أن تجعل سعر الصرف أكثر استقراراً واقل سعراً مقابل الليرة.

وبين الاقتصادي أن إعادة النظر بموضوع تمويل المستوردات، وعلاج أهم النقاط السلبية في المنصة بالوضع الحالي.

إزالة القيود

وكذلك مراعاة العدالة بين جميع المصدرين الصناعيين والزراعيين، ومن القضايا الأهم التي تحتاج لعلاج أيضاً هي إزالة جميع القيود على عمليات السحب النقدي من البنوك, حيث أن تعليمات المركزي حددت عمليات السحب اليومية بمبلغ مليون ليرة، قبل رفعها إلى مليوني ليرة، وكذلك ضمان حرية  حركة المبالغ النقدية والتحويل بين المحافظات بمبلغ أصبح 5 مليون ليرة بعدما كان مليون ليرة، وذلك من أجل تنشيط الحركة الاقتصادية ولا سيما الإنتاجية منها.

وطالب الاقتصادي المركزي بتسهيل إجراءات الاستيراد, وإزالة قائمة الشروط والعراقيل، وإلغاء شرط تمويل المستوردات من خلال المنصة, لأن المبالغة بوضع الشروط أدى الى  تعميق الاحتكار حسب قوله.

وفي دراسة أحدثها أحد المصرفيين اقترح تأسيس بنك خاص تحت إدارة غرفتي التجارة والصناعة، على أن يضم المستوردين والمصدرين والصناعيين من أجل أن يقوموا بأنفسهم بإدارة أعمالهم التجارية و الصناعية دون التدخل من المصرف المركزي.

وعن الأسباب قال المصرفي إن قرارات المركزي تسببت بهدم سعر صرف الليرة، “كتقييد حرية سحب ونقل الأموال، وقرار تعهد التصدير بتسليم قيمة الصادرات بسعر الصرف الوهمي، وكذلك  قرار المركزي الذي يفرض  الكشف عن مصدر وطريقة تمويل المستوردات، إضافة إلى إلزام المستوردين بمنصة التمويل البطيئة جداً”.

وبين أن تأسيس بنك كهذا سيحل الكثير من المشاكل الاقتصادية، كزيادة الحوالات الخارجية، وانخفاض سعر الدولار بعد زيادة المعروض منه، وهذا بدوره يقضي على السوق السوداء، ويساهم بدخول رؤوس أموال خارجية بالدولار للتجار والصناعيين، عن طريق تحويل قيمة المستوردات من البنوك الأجنبية إلى الصين ودول المنشأ.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله