الرقة – نورث برس
“سكروا المركز وين بدنا نروح”، هل سيسعف هذا السؤال نوفة العلي (60 عاماً)، بعد أن أغلق المركز الطبي الذي كانت تتردد عليه في مدينة الرقة شمالي سوريا، للحصول على خدمات الطبابة، أبوابه نهائياً أمام المرضى.
اعتادت “العلي” وهي من حمص وتسكن في ريف الرقة، ارتياد مركز “سوسن” الطبي الذي ترعاه إحدى الجمعيات الخيرية، عند كل حالة مرضية في عائلتها، فالمركز كان يقدم لهم “الكثير من الخدمات”، بحسب ما ذهبت إليه في حديثها لنورث برس.
وتقول المرأة الستينية، إنها منذ “افتتاح مركز السوسن في مشفى الرقة الوطني، وهي تتردد إليه للحصول على الطبابة والأدوية لدى أي حالة مرضية بعائلتها”.
وعلى الرغم من أنها كانت تعاني من مشكلة الانتظار الطويل أمام المركز الصحي، إلا أنها تجد نفسها مضطرة لذلك، فهي تريد الحصول على أدوية لأحفادها وأبنائها، خاصة في فصل الشتاء حيث تكثر الأمراض.
وفي الفترة الماضية، توقف مركز “السوسن” والذي ينشط بتقديم خدمات طبية للنساء والأطفال، عن تقديم تلك الخدمات بسبب توقف الدعم عنه.
ومركز “السوسن”، هو قسم طبي ضمن حرم مشفى الرقة الوطني، وسمي باسم الجمعية التي ترعاه منذ سنوات.
“بحاجة للدعم”
لم يكن محمد الصالح (40 عاماً) على علم بأن المركز أغلق أبوابه، إلى أن أحضر ابنته لعرضها على طبيب أطفال، لكنه فوجئ بلافتةٍ كُتب عليها “تم إغلاق مركز السوسن”.
يقول الرجل وهو أب لـ 6 أطفال، لنورث برس، إنه لا قدرة لديه على أخذ أطفاله إلى عيادات خاصة للطبابة، في ظل ظروفه المعيشية الصعبة.
ويطالب سكان في الرقة بإعادة فتح المركز حيث أن إغلاقه شكل عبئاً عليهم بسبب غلاء المعاينات الطبية وأسعار الأدوية في العيادات والصيدليات الخاصة.
ومنتصف الشهر الجاري، أعلنت وزارة الصحة السورية، عن زيادة جديدة في أسعار الأدوية المحلية، وتشمل آلاف الأصناف الدوائية بنسبة يصل بعضها إلى 80 بالمائة.

وتمَّ رفع أسعار الأدوية بنسبة 50 بالمئة وشملت معظم أنواع الزمر الدوائية، كما شملت الزيادة أصنافاً دوائية أخرى وصلت إلى 80 بالمئة، لتشمل الزيادة 12,826 صنفاً دوائياً، بحسب نقابة الصيادلة.
ويعاني سكان في الرقة ظروفاً معيشية صعبة نتيجة انهيار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، حيث تجاوزت نهاية العام الفائت حاجز الـ 7 آلاف ليرة للدولار الواحد.
ويضيف “الصالح”، أنه في حال مرض أحد أفراد الأسرة، وخاصة الأطفال سيحتاج إلى معاينة وأدوية، و”ربما تحاليل طبية أيضاً” وهذا سيكون مكلف وخارج قدرته المادية.
وتتراوح أسعار المعاينات في العيادات الخاصة بين 10 آلاف والـ 15 ألف ليرة بالنسبة للأطفال، وترتفع إلى أكثر من ذلك حسب الاختصاصات والعمر.
ويناشد “الصالح” الجهات المعنية والمسؤولين والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية، النظر بعين العطف وتقديم الدعم الطبي لهم، “نحن مدينة منكوبة وبحاجة إلى الدعم”.
توقيت غير مناسب
وكما حال سابقه خرج حميد السفيرة (62عاماً) منذ الصباح الباكر من بيته في قرية الكرامة شرقي الرقة، للتسجيل في “دور” متقدم في المركز للحصول على الدواء.
ورغم أن المركز أغلق أبوابه، إلا أن الرجل لا زال ينتظر متحاملاً على مرض أحد أطفاله، لعدم قدرته على أخذه إلى عيادة خاصة وشراء الأدوية من الصيدلية.
ويضيف “السفيرة” لنورث برس، أن “الذهاب إلى عيادة خاصة مكلف بالنسبة له، سيحتاج إلى أكثر من 70 ألف ليرة ثمناً لمعاينة الطبيب والأدوية.
ويرى أن إغلاق مركز “السوسن”، وإيقاف الدعم عنه سبب ضرراً للسكان ذوي الدخل المحدود، “العالم ما تلحق ع حق الخبز حتى تشتري أدوية”.
ويتوزع في مدينة الرقة وريفها ثمانية وعشرون مركزاً صحياً مجانياً منها ثلاثة مشافٍ عامة هي (الهلال والتوليد والمشفى الوطني)، و12 مركزاً صحياً تدعمه منظمات دولية، وفقاً للجنة الصحة في مجلس الرقة المدني.
ومنذ مطلع العام الفائت، انسحب الكثير من المنظمات الإنسانية من المنطقة، وسط مناشدات مسؤولين في الإدارة الذاتية بضرورة تقديم الدعم الإنساني لسكان المنطقة، خاصة في ظل الحصار والظروف الاقتصادية السيئة.
ويأتي إغلاق المركز الطبي في ظل انتشار الأمراض الأوبئة كالكوليرا والإنفلونزا، التي انتشرت نهاية العام الفائت في الرقة، ويزيد معاناة سكان بالرقة في ظل قلة المراكز الطبية المجانية هناك.
ونهاية العام 2021، علقت، جمعية “سوسن” للتنمية والرعاية الصحية بعد شهر واحد من عملها في مشفى بلدة البصيرة ٣٥كم شرقي دير الزور، شرقي سوريا، بعد استفزازات تعرض لها موظفوها من مسلحين في البلدة.