عودة معمل إسمنت حلب بطاقة إنتاجٍ محدودةٍ “لا تلبي متطلبات السوق”

حلب – سام الأحمد – NPA
عاد معمل إسمنت حلب، الواقع في منطقة المسلمية شمالي حلب للعمل, بعد توقفٍ دام لسنواتٍ بخضَّمِ الحرب السورية، بطاقةٍ انتاجيةٍ مقبولةٍ تخطت /25%/.

خطة تأهيل
يُعتبر المعمل من أضخم المنشآت الصناعية الحكومية ليس في حلب فحسب، بل على مستوى سوريا، لكنه تعرض لدمارٍ كبيرٍ في معداته وبنيته التحتية، لا سيما إبان سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة على مناطق واسعةٍ من الريف الحلبي، مثله مثل باقي المنشآت الصناعية الأخرى التي تدمّرت بحلب.
دفع الأمر الحكومة السورية بُعيد سيطرتها على هذه المناطق لإطلاق خطةٍ طويلة الأمد، هدفها تأهيل المنشآت الحكومية الاستراتيجية، فكان لهذا المعمل الضخم النصيب الأكبر  من عمليات إعادة التأهيل. 
بينما لم تقتصر الخطة على إعادة صيانة معدات وآلات المعمل وخطوط إنتاجه، إنما شملت إصلاح خطوط التوتر العالي وصيانة الطرق، وغيرها من الإجراءات، التي سهّلت الاسراع بتشغيل منشأة الإسمنت وعودتها للإنتاج وإنْ بشكلٍ جزئيٍ.

إنجاز المرحلة الأولى
يقول المهندس الفنّي محمد زين الدين سكيف لـ "نورث برس" أنّه من خلال خبراتٍ محليةٍ تمكنوا من إنجاز المرحلة الأولى من إعادة تأهيله وهي "تجهيز خط الإنتاج الأوّل لاسيما الفرن والكسارات".
ويضيف بأنّ "المعمل يحوي عدة خطوط إنتاجٍ إضافة لمقالع ضخمةٍ تتركز في الجهة الجنوبية الغربية من المعمل، وتأمين المواد الأساسية الداخلة في صناعة الاسمنت".
وبحسب ما شرح سكيف، تجتمع عشرات الشاحنات المخصّصة لنقل الإسمنت الذي يُصنع داخل هذه المنشاة على البوابة الرئيسية للمعمل.
وتستهدف عملية النقل إيصال الإسمنت إلى مراكز التوزيع المنتشرة على أطراف مدينة حلب، أو لنقله للمشاريع السكنية في بعض الأحياء الحلبية، لا سيما في الأحياء الشرقية التي تشهد حركة إعمارٍ نشطةٍ نوعاً ما، وبخاصةٍ الدوائر الحكومية والمؤسسات الخدمية. 

مساهمة خجولة
يبقى الإنتاج من مادة الإسمنت في حلب خاصةً، وسوريا عامةً، لا يساهم إلا بنسبة /30%/ من حاجة المشاريع السكنية والعمرانية العامة والخاصة، والتي تعتمد على الإسمنت المستورد من قبل تجّار أو جهات حكومية، أو الإسمنت التركي المهرّب الذي يدخل الأراضي السورية بطرقٍ غير شرعيةٍ.
وكلاهما (المستورَّد والمهرَّب) يشهدان ارتفاعاً في الأسعار لارتباطه بارتفاع سعر الدولار، مما أثر سلباً على حركة البناء ومشاريع إعادة الإعمار سواء للقطاع العام الحكومي أو في القطاع الخاص.

عدم استقرار الأسعار
محمد الدلي يعمل متعهداً للبناء في منطقة جمعية الزهراء غربي حلب يقول لـ "نورث برس" إن "الكثير من الأبنية التي بُوشِر بإنجازها في مناطق شتى في مدينة حلب تتوقف لأيامٍ، وربما لأسابيعٍ وأحيانا لأشهرٍ، بسبب عدم استقرار أسعار مواد البناء لاسيما الإسمنت المستورَّد وحتى المهرَّب".
وأضاف بأنّ طرح الاسمنت المحلي في السوق، ووفرته، سيساهم بخلق حركةٍ عمرانيةٍ نشطةٍ.
أمّا المهندس المتقاعد محمد قاسم فواز يقول "باستطاعة معمل الإسمنت الحلبي توفير أغلب متطلبات السوق بحال اشتغل بطاقةٍ انتاجيةٍ كاملةٍ".

إنتاج المستطاع
وأوضح فواز  بأنّه تعذّر توفير أغلب متطلبات السوق في الوقت الحالي، مشيراً إلى أنّ الحلّ يجب أن يكمن في إنتاج المستطاع من هذه المادة محلياً، في الوقت الراهن.
وأردف بأنّه يجب "الاعتماد على آلية استيراد مناسبة للسوق المحلية السورية بخططٍ ممنهجةٍ وآلية عمل مدروسة تستمر لصيانة باقي أقسام المعمل، وإعادتها للحياة من قبل الفنيين والمهندسين وحتى العمال في هذا المعمل وبدعمٍ حكوميٍ متصاعدٍ.
وبهدف الوصول للطاقة الإنتاجية الكاملة، سيتم خلال زمن قياسي ضمن الخطة التي رسمتها الجهات الحكومية المعنيّة، ورسمها المهندسون المشرفون على أعمال التأهيل والصيانة.
كما رأى أنّه في حال وصول الطاقة الانتاجية للذروة كما كانت قُبيل الحرب، ستكون ركيزةً أساسيةً في إعادة الإعمار التي انطلقت شرارتها في حلب وأريافها.
وتابع "الإسمنت الوطني سيكون كفيلاً برفد ورش البناء وشركات البناء بمعظم ما تحتاجه من إسمنت ومواد بناء".
ويتأمل مراقبون ومعنيون، بأنّ تشكل عودة المنشآت والمصانع الحكومية الضخمة, وإن كانت بمراحلها الأولى, ستشكّل العتلة الأهم التي ستساهم في رفع عجلة الاقتصاد السوري في سكته الصحيحة والطبيعية، بعد كبوةٍ استمرت طوال سنين الحرب.