كوباني.. أسعار الأدوية المرتفعة تثقل كاهل مرضى وذويهم

كوباني- نورث برس

يدفع حسن نحو ربع راتبه الشهري ثمناً لدواء تحتاجه ابنته المريضة، ويواجه الرجل صعوبة بتأمين ثمنه أحياناً، لكن حاجة ابنته له تجبره، حتى إذا اضطر للاستدانة.

ولدى حسن عيسى (43 عاماً)، هو من موظف في مدينة كوباني، طفلة مصابة بالاختلاج، وتحتاج للأدوية باستمرار، لذا بات الوالد يواجه صعوبة بتأمين ثمنه بعد ارتفاع أسعار الأدوية مؤخراً، وبقاء راتبه على حاله.

وعاني سكان في كوباني من ارتفاع أسعار الأدوية، بعد الزيادة التي أعلنت عنها وزارة الصحة في الحكومة السورية في السابع عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، والتي تشمل آلاف الأصناف الدوائية بنسبة يصل بعضها إلى 85 بالمائة.

يقول “عيسى” لنورث برس، إن علبة الدواء التي كان يشتريها بثمانية آلاف ليرة قبل أسبوع، أصبح سعرها 12 ألف ليرة، إذ أن أسعار الأدوية فاقت طاقته على الشراء، إلا أنه مضطر لشراء هذه الأدوية لطفلته مدى الحياة.

ويضيف “عيسى”، وهو والد لستة أطفال، أن هناك مستوصفاً ومشفى تكون الأدوية فيهما مجانية، ولكن لا تتوفر فيها جميع الأصناف.

ويشير الرجل، أن ارتفاع أسعار الأدوية يرهقهم في ظل تدهور الوضع المعيشي، وارتفاع تكاليف المعيشة من غلاء المواد الغذائية وآجار المنزل.

ربع الراتب للأدوية

يقول “عيسى”، إنه كان يشتري أدوية طفلته بمبلغ 80 ألف ليرة في السابق، أما اليوم وبعد الارتفاع الأخير بات يدفع 120 ألف ليرة، أي ربع راتبه.

ويبلغ راتبه الشهري 400 ألف سيدفع منها ثمن الأدوية، ويبقى لديه مبلغ يتراوح بين 250 و300 ألف، ليتدبر باقي أموره المعيشية.

من جهته اشترى علي محمد (75 عاماً) وهو من سكان كوباني، وصفة طبية بسعر 19 ألف ليرة، بعد أن كان سعرها قبل عشرة أيام 12 ألف ليرة، فيما اشترى وصفة طبية أخرى بسعر 12 ألف ليرة بعد أن كان سعرها 8 آلاف ليرة.

مطالب

ويطالب “محمد” مع “عيسى”، بحل لمشكلة الأدوية في الإدارة الذاتية، عبر إنشاء شركة أدوية محلية تراعي الأوضاع الاقتصادية لسكان المنطقة، تباع فيها الأدوية بنصف القيمة.

ويقول، إن الأدوية التي تأتي إلى المنطقة من مناطق الحكومة السورية تعتبر مرتفعة الثمن، ولا تراعي أوضاع سكان المنطقة الذين يعانون أصلاً من صعوبات اقتصادية، في ظل تراجع مردود الأراضي الزراعية.

ويضيف، أن أسعار أدويته ارتفعت بنسبة أكثر من 75 بالمئة، لافتاً إلى وجود أشخاص أوضاعهم أصعب من وضعه، ولا يستطيعون شراء الأدوية.

بدوره يضطر عمر شيخو (53 عاماً) وهو موظف في كوباني، إلى شراء أدويته بشكل دائم، بسبب إصابته بأمراض القلب.

يقول الرجل، إنه كان يشتري علبة الدواء بألفي ليرة ثم أصبح سعرها ثلاثة آلاف ليرة، وحالياً أصبح سعرها خمسة آلاف ليرة.

ويضيف أنه مضطر لشراء الدواء شهرياً، “وليس لدينا إمكانية شرائها في ظل ارتفاع الأسعار”، كونه موظف والراتب لا يكفيه.

الموظفون هم الأكثر تأثراً

يقارن شيخو بين علبة دواء اشتراه لطفله قبل شهر بستة آلاف، وأصبح سعرها عشرة آلاف ليرة حالياً.

ويعاني الموظفون والعمال والطبقة ذات الدخل المحدود، بشكل عام في كوباني، من ارتفاع أسعار الأدوية المستمر.

ويطالب “شيخو”، بإيجاد حل أو طريقة لخفض أسعار الأدوية، لأن الكثيرين باتوا لا يستطيعون شراء الأدوية بهذه الأسعار.

إلى ذلك يوضح عادل كردي، وهو صيدلي في مدينة كوباني، أن الأدوية القادمة من مستودعات وشركات الأدوية في دمشق وحلب، ارتفعت أسعارها قبل أكثر من أسبوع.

ويضيف، أن أسعار الأمبولات (الأبر) سواء أكانت سائلة أو بودرة ارتفعت بنسبة 100 بالمئة، والشرابات بنسبة 75 بالمئة، والكريمات والمراهم والتحاميل والقطرات بنسبة 85 بالمئة، والحبوب “المضغوطات” بنسبة 65 بالمئة.

ويوضح “كردي”، أن إبرة “أمبولة” من نوع روز عيار 250 كان سعرها 2500 ليرة أصبح سعرها 5000 ليرة، وشراب مسكن ألم وخافض الحرارة كان سعرها 3 آلاف ليرة أصبح سعرها 5 آلاف ليرة.   

ويشير، أنها ليست المرة الأولى التي ترتفع فيها أسعار الأدوية، حيث ارتفعت أسعار الأدوية بنسبة 30 بالمئة لكافة أصناف الأدوية قبل أكثر من شهر.

وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر 2022، رفعت وزارة الصحة سعر نحو 20 زمرة دوائية، وسبقه في شباط / فبراير الماضي، رفع أصناف من الأدوية بنسب تراوحت ما بين 30 إلى 40 بالمئة.

السبب!

يقول “كردي”، إن الأسعار ترتفع من قبل شركات الأدوية في حلب ودمشق، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، لأن المواد التي يتم استيرادها من الخارج يكون سعرها بالدولار. 

وأثر ارتفاع أسعار الأدوية، مؤخراً، على عمل الصيدليات، لأن الأسعار ارتفعت بنسبة تصل إلى 100 بالمئة، ولذلك بات أغلب السكان يلجؤون إلى المشافي والمستوصفات للحصول على الأدوية المجانية، طبقاً لـ “كردي”. 

ويرى، أن مشكلة ارتفاع أسعار الأدوية لا يمكن حلها، طالما أن المنطقة تستورد الأدوية من دمشق وحلب، حيث سيرتفع سعر الدواء كلما ارتفع سعر صرف الدولار.

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: أحمد عثمان