الطفل أدهم العفريني…حكاية عند أعتاب الموت في تل رفعت
ريف حلب الشمالي – دجلة خليل – NPA
أفلت أدهم من قبضة الموت، الذي لم يرأف بثمانية من أقرانه، ليلقيه على سرير في مشفى بقرية نائية، لا يزال الموت القادم من الشمال يرصدها، كما رصد قبيل ساعات من صراخ أدهم وذويه، عدداً من المهجّرين بفعل أقران مستهدفين تل رفعت، قادمين من عفرين التي ينهبها الساكنون الجدد، تماماً كنهب الموت لقدم الطفل الصغير.
على سرير في قرية فافين النائية بريف حلب، القريبة من المدينة الكبيرة حلب، أكثر ما هي لمكان وقوع المجزرة -تل رفعت، يسرد الطفل العفريني أدهم الحكاية بكلمات متقطعة هي أجوبة لأسئلة وجهتها "نورث برس" له، بعد المجزرة.
أدهم الطفل، شاهد جثثاً بعينيه، هو بدأ يستوعب ما جرى له، ولشقيقه إلياس ذي التسعة أعوام، الذي أصيب في القصف ذاته، فيما والداهما لا يستوعبان الصدمة، في أن يبات طفلهما بلا إحدى قدميه، بعد أن جرى بترها نتيجة تضررها الكبير.
الثاني من كانون الأول، كان موعد إطلاق القذيفة على مسرح للعب الأطفال، الذين هجّرتهم عملية عسكرية تركية من منطقة عفرين، التي شهدت بدورها آلاف عمليات القصف المشابهة حين مهاجمتها في كانون الثاني / يناير من العام 2018.
تمكّنت الشظايا من أدهم ذي الست سنوات، المنحدر من قرية جقلي تحتاني التابعة لناحية الشيخ حديد، لتطلق تساؤلات والديه حول مستقبل طفلهما بقدم واحدة.
يقول أدهم لـ"نورث برس"، بنبرة طفل لا يعلم حجم الكارثة القادمة: "فقدت قدمي، أصابت القذيفة ساقيَّ فأصيبت واحدة وبترت الأخرة"، فيما يشير لجلوسه على الرصيف عندما سقطت القذيفة قربه، ليضيف قائلاً "كنت على الرصيف وقد أصبت، مات خمسة أطفال، أحدهم امتلأ وجهه بالدم".
القذيفة أبقت أدهم طريحاً، فيما والده محمد حسو، يتحدث لـ"نورث برس" وقد اغرورقت عيناه بالدموع، التي لم تمنعهما المكابرة من التساقط، ليعمد لمسحها ومواساة طفليه المتألمين، وقد ملأ صراخهما المكان كدموع أبيهما.
يقول محمد حسو: "خرجنا من منطقة عفرين، بعد استهدافها بالطائرات والقذائف من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة، وحاولت إنقاذ أطفالي".
أبت القذيفة بشمالي حلب، إلا أن تنال من حقد شقيقتها السابقة في عفرين، لتستهدف شقيقين اثنين هما أدهم وإلياس، فيما يتابع محمد حسو حديثه قائلاً " لاحقتنا القذائف إلى هنا، تدمرت حياتنا، هذا الطفل الصغير تدمرت حياته بعد أن فقد قدمه"، متسائلاَ "كيف سيكمل حياته؟".
الأخ الأكبر الياس، كان أكثر حظاً من شقيقه أدهم، فرغم إصابته بشظايا القذيفة -لحظة لعبه مع جرو صغير- إلا أنه قادر على الإحساس بقدمه التي أصيبت بالكامل.
روكان وهي أم الطفلين وصفت المشاهد الأولى لعائلتها ما بعد لحظة تنفيذ المجزرة، إذ تقول لـ"نورث برس": "رأيت طفلي الأكبر يزحف إلى المنزل والدماء تسيل منه، بحثت عن طفلي الآخر، فلم أجده، لنذهب إلى المشفى الذي نقل إليه أدهم ونرى إن ساقه قد بترت".
كان يوم الاثنين، الثاني من شهر كانون الأول / ديسمبر، يوماً لتغيير مسار حياة أدهم، فيما اختار الموت /10/ مهجرين من عفرين، بينهم /8/ أطفال لمرافقته إلى بهو الحياة الأخرى، تاركة في الحياة الأولى /12/ جريحاً ملقى على سرائر قريبة من أدهم أو بعيدة.