“ليش ما عم تشعلوا المدفأة؟”.. سؤال لطلاب في درعا والسويداء يعجز عنه المدرسون
السويداء/ درعا- نورث برس
“يدان ترتجفان من شدة البرد، وعيون تكاد لا تستطيع أن ترى من أغطية الرأس، وصعوبة في الحركة بسبب معطف الشتاء الكبير” بهذه الجمل وصفت شذى أبو عاصي (28 عاماً) وهو اسم مستعار لمعلمة في ريف السويداء حال طلابها في الصف الأول.
وتشرح “أبو عاصي” التي تدرس في مدرسة قرية سالة بريف السويداء الشرقي لنورث برس، معاناة الطلاب التي تصفها بـ”الكبيرة”، وتكمن خاصة في أول حصة دراسية، “فلا وقود لإشعال المدفأة، كما أن مساحة الغرف الصفية الكبيرة، تزيد من برودة الجو فيها”.
وتتعمد المعلمة في الحصة الدراسية الأولى، الابتعاد عن المواد التي تحتاج للكتابة، “فأيدي التلاميذ لا تستطيع حتى الإمساك بالقلم”.
وتقول “أبو عاصي”، إن مخصصات مدرستهم من المازوت في الفصل الدراسي الماضي، “لم تتجاوز الليتر لكل غرفة صفية في اليوم الواحد”، الأمر الذي يحول دون إشعال المدفأة بشكل مستمر.
ورغم عدم وجود منخفضات جوية قوية، إلا أن طبيعة السويداء الجبلة وارتفاعها، جعل شتاءها قاسياً هذا العام، خاصة مع عدم توفر وقود التدفئة، شأنها في هذا شأن معظم مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وجميع المدارس في السويداء لم تكفها مخصصاتها من الوقود في الفصل الماضي، حتى أن أسبوع الامتحانات لم يتم إشعال المدافئ في معظم تلك المدارس، بحسب “أبو عاصي”.
ورغم بدء الفصل الدراسي الثاني، إلا أن مديرية التربية في السويداء، لم تباشر بتوزيع مخصصات المدارس، لغاية إعداد هذا التقرير، وسط مخاوف من ازدياد برودة الطقس، في ظل الحديث عن احتمالية قدوم منخفضات قطبية خلال الأيام القادمة.
يقول مروان سلام (39 عاماً) وهو اسم مستعار لمعلم في مدرسة طربا بريف السويداء الشمالي، إن “مدارس السويداء خالية من مادة المازوت حتى اللحظة”.
والكمية التي وزعت الفصل الماضي “انتهت في معظم المدارس، حيث تم توزيع حوالي 900 ليتر لكل مدرسة، تحوي اثنتي عشر غرفة صفية وأربع غرف إدارية”.
ويضيف “سلام” لنورث برس، أن “مخصصات التدفئة في اليوم الواحد بالكاد تصل إلى ليتر واحد فقط” .
ويحز في نفسه سؤال التلاميذ المتكرر له: “ليش ما عم تشعلوا متنا من البرد”، ليجد نفسه عاجزاً عن فعل شيء يقيهم البرد.
وتقدر حاجة مدارس السويداء من مادة المازوت بعد التقنين بنحو مليون و57 ألف ليتر، إلا أنه لا يتم توزيع سوى جزء بسيط منها طوال العام.

حصة لا تذكر
ويختلف توزيع مخصصات التدفئة للمدراس بين المناطق والمحافظات بحسب طبيعة المناخ فيها، فحصة السويداء “ليتر واحد لليوم” للغرفة الصفية، لكن حصة الجارة درعا لا تذكر.
مدير مدرسة في منطقة اللجاة التابعة لمحافظة درعا، يقول لنورث برس، إن “جميع مدارس المحافظة خالية من مادة المازوت، في حين يتم جمع التبرعات من السكان لمساعدة المدراس في تأمين المازوت”.
ويضيف، أن “حصة مدرستهم كانت ٢٧٥ ليتراً فقط في الفصل الماضي، أي أقل من نصف ليتر في اليوم الواحد للغرفة الصفية”.
لا وجود للمدافئ
لا تقتصر معاناة التلاميذ في درعا على نقص مازوت التدفئة فقط، بل هناك عدد من المدراس تفتقر للمدافئ، وسط إهمال حكومي واضح في سد حاجة المدارس من مادة التدفئة ومستلزماتها ناهيك عن أن هناك صفوف بدون أبواب أو نوافذ، بحسب عاملين في القطاع.
يقول أحمد الجباوي (42 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرس في مدينة نوى بريف درعا الغربي إن “سكاناً في المدينة قاموا العام الماضي، بشراء عدد من المدافئ للمدارس، لكنها تعرضت للسرقة بسبب عدم وجود أبواب للصفوف”.
ورفض سكانٌ هذا العام شراء المدافئ، “بسبب عدم ترميم المدارس وتأمينها بأبواب من قبل مديرية التربية، التي تعتذر في كل مرة لإدارات تلك المدارس وتقول إنه لا يوجد ميزانية كافية”، بحسب “الجباوي”.