فقدان وخذلان وإعاقة دائمة.. ندوب الحرب ترافق نازحة في الرقة

الرقة – نورث برس

كلف سعدة، طريق الوصول إلى بر الأمان تذوق مرارة الفقد والخذلان لأكثر من مرة، ففي الأولى عندما فقدت ثلاثة من أطفالها، حين أدركهم الموت بينما كانت تهرب بهم من ويلات الحرب، وفي الثانية، عندما هجرها زوجها وهي في أصعب الظروف.

تروي سعدة العقلة (46عاماً)، النازحة في مخيم اليوناني نحو 1كم جنوبي الرقة، شمالي سوريا، قصتها منذ أن نزحت قبل خمس سنوات مع عائلتها من منطقة الرصافة.

نزحت برفقة عائلتها إلى قرى شمال الرقة في وقت متأخر من النهار، حيث وصل بهم طريق الهروب إلى مزرعة الرشيد شمالي الرقة ليلاً، “مشينا أنا وأولادي على أقدامنا لنهرب في وسط ظلامٍ دامس إلى مكان يقينا من القصف وأصوات الرصاص”، تقول المرأة .

رغم أنها كانت تمشي في مقدمة أبنائها إلا أنها لم تكن تعلم ما يخبئه الطريق لهم.

ولم تستطع “العقلة” إخفاء حزنها وحبس دمعتها، وهي تروي كيف انفجر بهم لغم زُرع في الطريق، فحرمها ثلاثة من أبنائها، وأُصيب ثلاثة آخرون.

وراحت بحرقة تسرد لنورث برس ما جرى معها: “لم أتمكن من ردع الموت عن أبنائي، كان أكبرهم بعمر خمسة عشر عاماً وأصغرهم بعمر عامين كنت أحمله على ظهري”.

أيضاً كان للأم نصيب من الانفجار المشؤوم، حيث كُسرت قدمها ويدها وامتلأ جسدها بالشظايا، فيما كانت الآثار واضحة على وجهها.

إصابة من تبقى من أطفالها الثلاثة وصفتها بالخفيفة، في حين لم تخفِ امتنانها  لله عز وجل على بقائهم أحياء.

 ولم تمض فترة طويلة حتى تخلى زوجها عنها، حيث زاد معاناة الأربعينية وأولادها في ظل ظروف نزوح قاسية يعانيها أغلب النازحين في مخيم اليوناني العشوائي.

وتشكو “العقلة” سوء حالهم في المخيم، لا سيما بعد أن تزوج زوجها بامرأة أخرى، حيث لا معيل يعتمدون عليه، “عايشين من أهل الخير”.

وتعاني العائلة من الظروف المعيشية الصعبة في المخيم، حيث لا قدرة للأم على العمل أو حتى قضاء حوائج أطفالها في خيمتها، “أريد أن أطبخ لأولادي، وأعمل في خيمتي ولكن قدماي المليئتان بالشظايا لا تسعفانني”.

ويحوي مخيم اليوناني، 1120 امرأة و9 من ذوي الاحتياجات الخاصة، وينحدر غالبية النازحين في المخيم من مناطق خاضعة لسيطرة قوات دمشق، بحسب إحصائية لمجلس الرقة المدني التابع للإدارة الذاتية.

و تواجه “العقلة” قساوة النزوح بمفردها اليوم  في ظل ما يعانيه النازحون من ظروف إنسانية واقتصادية صعبة، نتيجة قلة الدعم المقدم لهم.

ويشتكي غالبية النازحين من قلة في محروقات التدفئة، ووسائلها البديلة، يضاف لمعاناتهم قلة الخيام  وأغطية النوم، في ظل شتاء قاسٍ.

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: أحمد عثمان