نشاط متزايد منذ بداية العام.. وسط العراق بؤرة خطرة لخلايا تنظيم “داعش”
أربيل – نورث برس
يعزو باحثون وخبراء أمنيون في العراق، نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المتنامي في مناطق عراقية معينة منذ مطلع العام، إلى استمرار وجود الثغرات الأمنية بسبب سوء التنسيق بين أربيل وبغداد، فيما ربطها آخرون بأجندات سياسية، فضلاً عن ظروف الشتاء.
وبالرغم من العمليات الأمنية المتكررة من جانب القوات العراقية بمختلف تصنيفاتها، ظلت مناطق وسط البلاد تحديداً من أكثر الأماكن التي تشهد نشاطاً متنامياً للتنظيم، وهي تشمل خط عرضي تتضمن محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك ونينوى.
وفيما لم يتم الكشف عن حصيلة عمليات الشهر الأول من هذا العام، إلا إنه من خلال رصد بيانات منفصلة لخلية الإعلام الحكومية والأجهزة الأمنية الأخرى بما في ذلك إقليم كردستان، تبين أنه تم اعتقال ما لا يقل عن 20 عنصراً من التنظيم ومقتل 10 آخرين منذ مطلع العام.
وفي العام 2022 انخفض مستوى العمليات التي نفذها التنظيم مقارنة بـ2021، حيث كان مجموعها وجلها في المناطق المتنازعة عليها 164 عملية.
وبنتيجتها وفق ما كشفه الأمين السابق لوزارة البيشمركة جبار ياور لنورث برس، بلغ مجموع ضحايا هجمات “داعش” العام الفائت 142 شخصاً بين قتيل وجريح ومختطف مدني أو عسكري.
وقال المحلل العسكري هيثم الخزعلي، إن “المناطق الممتدة من خانقين وصولاً لكركوك مروراً بمناطق حمرين الجبلية تعد الممر الرئيسي لـ “داعش” في البلاد نظراً لوعورتها حيث تصعب فيها عمليات السيطرة العسكرية”.
وأوضح في حديثه لنورث برس أن هذه المناطق تتسم بجغرافية وعرة ومليئة بمخابئ تُستغل من قبل خلايا التنظيم للاختباء والتنقل.
وهذا ما اتفق عليه ياور، بقوله إن تنظيم “داعش” يتبع تكتيكاً جديداً في العمليات بتحريك خلاياها النائمة، وذلك بعد كل فترة من السبات يعمل فيها على مراقبة بعض النقاط والثكنات الضعيفة، ثم الهجوم عليه والعودة إلى مناطق الاختباء.
وأكثر المناطق خطورةً بحسب ياور، هي التي تقع بين خطين حدوديين متوازيين ما بين القوات العراقية وقوات البيشمركة ويمتد هذان الخطان من الحدود الإيرانية شرقاً وصولاً إلى المنطقة الحدودية مع سوريا غرباً.
لكن الخبير الاستراتيجي الأمني عدنان الكناني رفض تنسيب نشاط “داعش” في العراق إلى عوامل جغرافية أو حاضنات شعبية، بل قال إنها تتعلق بأجندة سياسية تحاول أن تُفرض من قبل جهات (دون أن يسميها) من خلال خلق ثغرات أمنية في البلاد، الأمر الذي يستغله التنظيم لشن عملياته.
وكشف الكناني أن الأجهزة الأمنية العراقية تتجهز لمواجهة أي تغيير محتمل في استراتيجية “داعش” سواء اسمه أو مناطق انتشاره أو شكل عملياته خلال هذا العام الجديد.
وقال لنورث برس إنه بقدر النشاط الملحوظ للتنظيم في مناطق وسط العراق، نلاحظ مجهود أمني واستخباراتي في مواجهته.
وشدد على أن خلايا التنظيم واجهت “انتكاسات قوية” في سلسلة العمليات التي بدأتها القوات الأمنية خلال العام الجديد والتي أسفر عن اعتقال ومقتل العشرات منهم.
وأشار إلى أن القوات الأمنية تنفذ العمليات من خلال تتبع معلومات حصلت عليها من المعتقلين (عناصر داعش) حديثاً، نظراً للمعلومات التي يحملوها حول خلايا جديدة.
إلى ذلك، قال الخبير الأمني علي البيدر، إنه إلى جانب الطبيعة الجغرافية للمناطق التي عادة تشهد تحركات للتنظيم، هناك أمران مهمان لا يمكن من دونهما القضاء التام على خلاياه.
وهما بحسب البيدر “سوء التنسيق الأمني وفقدان وحدة القرار في المناطق المتنازع عليها، لدرجة أنه بات من الصعب معرفة من يدير تلك المناطق سواء من جانب الحكومة المركزية أو حكومة الإقليم”.
لذلك يجب إنهاء هذا الملف لتذليل هذه الصعوبات أمام القوات الأمنية، بحسب الخبير الأمني.
وتتباحث أربيل وبغداد منذ نحو عامين على تشكيل آلية مشتركة للانتشار في المناطق المتنازع عليها، لكن المشروع لازال في مرحلة قيد التنفيذ، بسبب مسائل معلنة يقال إنها تتعلق بتمويل الخطة الأمنية.
وأشار البيدر إلى أن العراق اعتاد أن يشهد في مثل هذه الفترة من كل عام نشاط متزايد لعناصر “داعش” مستغلاً عوامل الطقس.
لكن يبقى الحل بنظر البيدر هو قطع التمويل التام عن التنظيم الذي ربما يحصل عليها من جمع أتوات أو يتلقاها من جهات متخفية داخل العراق أو خارجه، بحسب كلامه.