دمشق.. معتمدو الخبز وأصحاب الأفران الخاصة بين تعميمٍ في الصباح وإلغاءه ليلاً

دمشق ـ نورث برس

معاون وزير التجارة الداخلية لشؤون حماية المستهلك في الحكومة السورية، سامر سوسي، يصدر قراراً في النهار، والوزير عمرو سالم يلغيه في المساء.

القرار الذي أصدره سوسي بتفويض من وزيره، صباح الخميس الماضي، يطالب فيه معتمدي الخبز وأصحاب الأفران الخاصة بدفع سعر جهاز بيع الخبز.

وحددت قيمته بمبلغ مليون ونصف المليون ليرة، إضافة لرسم اشتراك سنوي بقيمة 200 ألف ليرة، وتم حصر تنفيذ هذا الموضوع بالشركة المشغلة للبطاقة الذكية عبر شركة محروقات.

وفي مساء السبت، طلب الوزير إيقاف التعميم الصادر عن معاونه، المتعلق بدفع قيمة الجهاز.

وجاء في الكتاب الذي نشرته صفحة الوزارة أنه تم إرسال كتاب إلى شركة محروقات للطلب من الشركة المشغلة تزويد وزارة التجارة الداخلية ببيانات كلفة موثقة لهذا الجهاز.

أحد مدراء المخابز العامة أشار إلى أن القرار سينفذ، ولكن سيتم تخفيض السعر بشكل يظهر فيه الوزير كـ”المنتصر”.

قرار تكليف المعتمدين بدفع سعر جهاز الخبز، آثار استياءً كبيراً ووصفه بعضهم بأنه يندرج ضمن سياسة الحكومة في “سلخ جلود الحملان، وليس جز صوف الكباش” للحصول على مصادر ضريبية جديدة.

حماية حقوق الشركة

وتبين التعليمات الواردة في التعميم الذي تم إيقافه، مدى حرص الوزارة على الأرباح التي ستحققها الشركة.

وتشير التعليمات الواردة في الكتاب، أن الجهاز يصبح ملك المعتمد بعد دفعه هذا المبلغ لمرة واحدة، وإذا قرر اعتزال عمل المعتمد بإمكانه بيعه، وعلى المعتمد الجديد أن يفعله من قبل الشركة المنفذة لتفعيله، ولا يجوز للمعتمد السابق أن يوكل المعتمد الجديد للعمل على جهاز بيع الخبز إلا بموجب كتاب يصدر عن المديرية إلى فرع الشركة المنفذة لتفعيله، ويمكنه إلغاء تفعيل الجهاز. لكن الرسم يجب أن يجدد سنوياً.

وفي متابعة لنورث برس، على ردود الأفعال، قال أحد أصحاب الأفران الخاصة للوكالة، إن الوزارة تطالب المعتمدين بدفع سعر الأجهزة على سعر صرف اليوم، وأن أكثر هذه الأجهزة استوردت عندما كان سعر الدولار لا يتجاوز الألفي ليرة.

وأضاف المصدر أنه يتفهم حاجة الدولة للأموال، ولكن يمكن البحث عن مصادر أخرى غير “الحملان” لأن الكثير من المعتمدين لا يملكون المال لدفعه.

ووصف أحد المعتمدين هذا القرار بأنه “غرامة بأضعاف المرابح، وأن أكثر من نصف المعتمدين لن يتمكنوا من الدفع وسيتخلون عن هذه المهمة”.

رفع الدعم

وتوقع مدير سابق في الوزارة أن هذا القرار سينتهي برفع الدعم عن الخبز والبيع بشكل مباشرة من المخابز، وقد يتلوه قرار إلغاء الخبز من البطاقة الذكية.

وألمح المدير السابق، إلى الأرباح التي ستحققها الشركة المعنية بهذا الموضوع مع وجود الألاف من المعتمدين.

في حين وصف عضو في جمعية المخابز هذا القرار بأنه “غير مقبول نهائياً”، وتوقع أن يسلم أغلب المعتمدين الأجهزة الموجودة بحوزتهم.

وبين المصدر أن ربح ربطة الخبز لا يتجاوز 25 ليرة، وحصة أغلب المعتمدين تصل إلى نحو 250 ربطة خبز كحد أعلى، وهذا يعني أن ربحهم اليومي لا يتجاوز 6 آلاف ليرة في اليوم، ونحو 1.868 مليون ليرة في العام. أي أن أرباحهم خلال عام ستذهب لتسديد سعر الجهاز، وسيعمل عام كامل بدون أرباح، وهذا دون احتساب تكاليف تشغيل المحل وأجاره التي سيتم تحميلها على الخبز جميعها.

وأشار إلى أنهم مهما رفعوا من أسعار الخبز لن يتمكنوا من تغطية هذه التكاليف.

وعقبت المعتمدة أم محمد، وهي أم لأربعة أطفال وأرملة، بالتساؤل “من أين لها تسديد كل هذا المبلغ، وهي بالكاد تستطيع تمرير حاجيات الشهر؟”.

وكان صاحب أحد الأفران الخاصة قد بين أنهم يعانون من صعوبة تصليح الكثير من الأعطال التي تتعرض لها آلات ومعدات الأفران، وأنهم يتوقعون حل تلك المشاكل حتى يتمكنوا من إنتاج رغيف مقارب للمواصفات “لكن دائماً هنالك الأسوأ”.

مطارح أخرى

وأشار اقتصادي سوري إلى أن هنالك حلول أخرى أمام الحكومة لحل مشكلة الخبز منها مثلاً “طباعة إعلان تجاري على أكياس الخبز يكون فيها الربح الكامل لصالح مخابز الدولة، أو بتقديم أكياس مجاناً من قبل الشركة التجارية التي تريد طباعة دعايات تجارية على الأكياس، ولكن الحكومة تبحث دائماً عن مطارح جديدة للدخل دون أن تهتم فيما إذا كان مصدرها الحملان أو الأكباش”.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله