القطاع الخاص خيار سكان في حلب بظل الظروف المعيشية الصعبة

حلب- نورث برس

أكثر من 12ساعة يقضيها فؤاد عنجريني (22 عاماً) يومياً في عمله ضمن مطعم للوجبات السريعة في حي صلاح الدين بمدينة حلب شمالي سوريا، حتى يتسنى له متابعة دراسته الجامعية.

ويرتاد “عنجريني” كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، حيث لم يجد سبيلاً لتحصيل مصروفه الجامعي ومعاونة والده في تأمين مستلزمات المعيشة، سوى هذا العمل ضمن القطاع الخاص.

ويقول الشاب الجامعي لنورث برس: “والدي يعمل كسائق رافعة لدى شركة الكهرباء ويتقاضى 150ألف ليرة سورية”، بينما يتقاضى هو مبلغ 250 ألف ليرة، وهذه “الأجور بالكاد تكفي لشراء حاجيات منزلنا الأساسية”.

ولكن لا خيارات أخرى متاحة أمام “عنجريني” سوى العمل في المطعم الموجود على مقربة من مكان سكنه.

ويضيف: “عملنا شاق ومضني يبدأ في الساعة  الثانية عشر من فترة الظهيرة ويستمر حتى الواحدة بعد منتصف الليل، وأحاول جاهداً الانصراف باكراً واختصار محاضراتي الجامعية للحاق بالعمل”.

ويشير إلى أن “المعادلة باتت لدي استمرارية العمل تعني استمرارية تعليمي الجامعي”.

وفي ظل موجة الغلاء وارتفاع الأسعار التي جعلت ظروف المعيشة صعبة للغاية أجبرت “عنجريني” ووالده شأنهما في ذلك شأن النسبة الغالبة في مناطق سيطرة الحكومة، على تحمل مشاق العمل في القطاع الخاص  وتقاضي أجور متدنية.

والعمل في القطاع الخاص إضافة لأجوره المتدنية هو “مرهق وليس له أي ضمان أو تأمين”، ناهيك عن إن خسارة العمل قد تخضع للأهواء الشخصية ومزاجية أرباب العمل وهنا علينا البحث عن أعمال أخرى”.

لا خيارات بديلة

فيما لم يفلح عز الدين الصغير (30 عاماً) في إيجاد عمل يناسب اختصاصه وهو حاصل على شهادة معهد فندقي.

وكل أمله كان الحصول على فرصة للعمل في أحد الفنادق السياحية، لكن لا جهوده ولا دراسته أسعفاه، ليجد نفسه مضطراً “للعمل في ورشة بناء في حي حلب الجديدة”.

ويقول “الصغير” لنورث برس: “عملي شاق ومرهق في ورشة للبناء، حيث علي يومياً أن أنقل الحجارة والإسمنت إلى أسطح الأبنية”.

ويتحمل الرجل مشقة العمل ضمن الظروف الجوية الباردة في الشتاء والحارة في الصيف ليحصل على أجر 20 ألف ليرة سورية.

ويضيف “الصغير”: “بهذا المبلغ يجب أن أشتري مستلزمات زوجتي وولدي الرضيع، كذلك إعالة والدتي ومصروفي الشخصي”.

ورغم أن “الأجر قليل والعمل متعب ومرهق”، يتعرض الثلاثيني “للاستغلال وأي إصابة قد تلحق بي خلال العمل، تعرض عائلتي للجوع”.

لكن “لا خيار لدي فالوضع الاقتصادية مزرٍ وشهادتي التي حصلت عليها لا تصلح إلا لتعليقها على الحائط”.

أجور شحيحة

لم تعد صور واقع الحال للظروف المعيشية للسكان في معظم الجغرافية السورية وبشكل خاص مناطق سيطرة الحكومة، بخافية على أحد فالجميع يكابدون مرارة تلك الظروف حتى يمكنهم البقاء على قيد الحياة.  

“ظروفنا المادية صعبة مثل الكثير من العائلات الحلبية، وكلنا نحتاج لأي دخل مادي مهما كان صغيراً”، تقول حسناء الهلال (25 عاماً) وهي من سكان مدينة حلب.

وتعمل ” الهلال” التي تخرجت من معهد الفنون النسوية، في ورشة خياطة بحي الجابرية، حيث تقضي في عملها أكثر من 13ساعة يومياً لقاء أجر شهري لا يتعدى الـ 200 ألف ليرة.

وتضيف: “الأجر متدنٍ ويشبه الحكومي والسبب بحسب ما يقوله مدراء الورش لنا هو ما تعانيه الأسواق من كساد، والضرائب وغلاء الاسعار وارتفاع المواد الأولية لا يحقق لهم سوى ربح هامشي”.

لذلك “هذه الأجور هي أقصى ما يستطيعون تقديمه بالوقت الراهن”،  بحسب ” الهلال”.

وتقول إن العمل في القطاع الخاص “يخضع لقانون الغاب”، خاصة وأن أرباب العمل يعطون العاملين “أجوراً شحيحة بالكاد تسد رمقهم مستغلين حاجة الناس الماسة لكسرة خبز” على حد تعبيرها.

وفي ذات الوقت لا يمكن للفتاة أن تبقى حبيسة المنزل بانتظار وظيفة حكومية لا تدري متى تتهيأ الظروف للحصول عليها.

لذلك لجأت “الهلال” للعمل في ورشة خياطة لإعالة والديها وإخوتها الأربعة، “على مبدأ بحصة تسند جرة”  تضيف “الهلال”.

إعداد: جورج سعادة- تحرير: فنصة تمو