“بين حضن الوطن والهجرة”.. خيارات المعارضة السورية عند “التطبيع”
الرقة – نورث
تتوافق آراء متابعين سياسيين وناشطين مدنيين في سوريا، حول مصير مناطق المعارضة السورية في شمال غربي البلاد إذا تحققت السياسة الأخيرة لتركيا بـ”التطبيع” مع الحكومة السورية.
وبعد أكثر من عقد من العداء بين سوريا وتركيا، تعيش العلاقات بين البلدين منذ أسابيع نوعاً من “الدفء” عبر تصاريح إعلامية من الطرف التركي وسلسلة لقاءات أمنية ورسمية جمعت مسؤولين كبار من النظاميين.
اللقاء الأول نظمته موسكو في نهاية 2022 بحضور وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس.
مستويات ثلاثة
وعند الاتفاق بين أنقرة ودمشق سيكون التعامل مع فصائل معارضة مسلحة على ثلاث مستويات، بحسب أحمد الدرزي وهو كاتب سياسي سوري.
يقول “الدرزي”، إن المستوى الأول الذي يشكله “الجهاديون” في شمال غربي سوريا من تركستان وقوقاز وشيشان، فإنهم “سيُدفعون للخروج من سوريا، أو أن يبقوا تحت الإقامة الجبرية في تركيا”.
أما المستوى الثاني، “الذين كان لهم دور مباشر في القتال وتسببوا بهدر الدم السوري فلن يعودوا إلى سوريا لأن مصيرهم سيكون إما التصفية أو إخراجهم من البلد”، وفقاً لقوله.
بينما المستوى الثالث ذوو الأغلبية الساحقة من المجموعات المسلحة التي انضوت تحت منظمات متنوعة ومختلفة، كان دافعهم “الحاجة وليس الانتماء الأيديولوجي الجهادي، قد تكون مسألة حلها سهلة بالعودة إلى مناطقهم في سوريا”، كما يرى “الدرزي”.
ويشير الكاتب السياسي في حديث لنورث برس، إلى العمليات التي نفذتها هيئة التحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، مؤخراً في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، “جاءت بتعليمات من مجموعات تابعة لتركيا، وهي بمثابة رسالة إلى دمشق مفادها، إما التطبيع أو خيار استمرار الصدام العسكري المنهك للطرفين، ما قد يدفع بدمشق للقاء مسؤولين أتراك بشكل مباشر”.
وفي العاشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، نفذت “تحرير الشام” عملية تسلسل ضد قوات حكومة دمشق تحت مسمى “لن نصالح” كرد على التطبيع بين أنقرة ودمشق، بعد أسبوع من اعتبار زعيمها، أبو محمد الجولاني “التطبيع مكافئة للنظام”.
وذكرت مصادر لنورث برس، آنذاك، أن العملية المنفذة بريف حلب هي رفض عملي للتطبيع، ومطلع الشهر الجاري، قال الجولاني إنهم “أعدّوا العدة وهيئوا أنفسهم لأيام عظيمة قادمة”، دون تحديد ماهية قوله.
بينما يقول رضوان الأطرش وهو ناشط سياسي معارض، إن المناطق الخارجة عن سيطرة “النظام السوري” الممتدة من جنوبي إدلب وحتى جرابلس هي مناطق “تحررت بقوة السلاح”.
ويضيف لنورث برس: “لا يحق لتركيا أن تبحث عن مصالحها مع أي نظام في العالم على حساب الدم السوري”.
“لن نصالح”
إذ يرى الناشط، أن “الثورة السورية ضد حكومة دمشق لم تقم بخيار تركي أو خيار أوروبي ولا إملاء من أي دولة أخرى، إنما هي ثورة شعب قام على نظام مجرم”.
ويشير، أن المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة السورية شمالي سوريا “بجغرافيتها الواسعة وبسكانها وقواها الثورية هي من سوف يقرر مصير التطبيع”.
ويجزم “الأطرش” أن جميع من يعيش في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمالي سوريا “يعارضون ويرفضون بشكل قطعي تطبيع تركيا لعلاقاتها مع النظام السوري”.
والجمعة الفائت، طرد محتجون سالم المسلط رئيس الائتلاف السوري المعارض وضربوه. كما تشهد إدلب احتجاجات تحت شعار “لن نصالح”، منذ لقاء وزيري الدفاع السوري والتركي في موسكو.
في حين يرى مصطفى عبدي مدير المركز السوري لتوثيق الانتهاكات، أن المعارضة السورية الموالية لأنقرة، هي كيانات خاضعة تماماً لتركيا، وتتحكم بها ضمن مسار يخدم مصالحها، وهذه الكيانات بالتالي تمثل مصالح تركيا ويتم توجيهها ضمن ما يخدم طموحات وخطط أنقرة.
ويضيف أن الاتفاق التركي – السوري إن تم “لن يختلف كثيراً” عن اتفاقيات سابقة كانت تركيا جزءاً منها، مثل ما كان يسمى بـ”المصالحات” في حلب الشرقية وفي ريف دمشق بالغوطة ودرعا ومناطق أخرى.
ويقول: “تركيا رتبت لذلك حيث منحت معظم قادة الفصائل ومسؤولي الأجهزة الأمنية والائتلاف الجنسية التركية بالتالي هؤلاء هم مواطنون”.
ويرى أن الاحتجاجات هي ردّ فعل، “فهؤلاء المحتجون سبق أن رفضوا الاتفاقيات السابقة كذلك بالاحتجاجات في الغوطة الشرقية، حلب الشرقية، ريف حماة، حمص، درعا، سراقب وغيرها، ثم اضطروا لمغادرتها.. الآن لم يعد لهم مكان آخر يذهبون إليه”.
ويضيف أن “أي تفاهمات ستكون على حساب هذه التنظيمات المدعومة من تركيا في سوريا، وأعتقد أن التسويات ستشملها، وكل من يرفض ستظل المعركة معه مفتوحة”.