التطبيع بين أنقرة ودمشق.. كيف ينعكس على الجنوب السوري؟
درعا/ السويداء – نورث برس
في ظل الحديث المتكرر مؤخراً عن التطبيع المحتمل بين أنقرة ودمشق، والتحركات الروسية وما تبعها من تحركات إيرانية في هذا السياق، تتعالى في الجنوب السوري أيضاً على غرار شمال غربي سوريا، ردود فعل الشارع السوري الرافضة للتطبيع.
المشهد كان واحداً في الشارعين رغم البعد الجغرافي، وسط مخاوف من تحول التطبيع لواقع وحقيقة.
وبدأ التلميح التركي بعودة العلاقات مع دمشق، عندما كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في الحادي عشر من آب/ أغسطس الماضي، عن محادثة قصيرة أجراها مع وزير خارجية الحكومة السورية فيصل المقداد.
وأثارت تصريحات أوغلو حينها، استياءً واسعاً في سوريا خرجت على إثره احتجاجات في عدد من المدن السورية.
“اتفاق غير مستقر”
واللافت في التطورات المتسارعة في ملف التطبيع المحتمل منذ نهاية العام الماضي، أن الغضب الشعبي امتد من الشمال السوري إلى جنوبه الذي يشهد منذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي، احتجاجات شعبية ضد الأوضاع المعيشية ومطالبات بإطلاق سراح المعتقلين لدى الحكومة، ورفض الوجود الإيراني في المنطقة.
ويقول الكاتب الصحفي حافظ قرقوط من السويداء في حديث لنورث برس، إن “الاتفاق بين أنقرة ودمشق في حال حدوثه، سيكون غير مستقر ومقلق وانعكاسه على الجنوب سيتسبب بالمزيد من عدم الاستقرار”.
ويشدد على أنه رغم فرض هكذا اتفاقات لكن “تبقى أسس وأهداف الجنوب واضحة”.
ويرى أن التطبيع “لا يمتلك أي مقومات من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني، لأن كلا البلدين لا يستطيع أن يقدم للآخر أي شيء سوى اللقاءات”.
“لن يمس الجنوب “
ومن جهته يرى الباحث حسام البرم من محافظة درعا والمقيم في فرنسا، أن “تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق لن يمس الجنوب السوري، وذلك لأن تركيا لا تمتلك نفوذاً هناك”.
ويضيف لنورث برس:” تركيا تحاول امتلاك نفوذ حقيقي في الجنوب السوري، ولكن في حال امتلاكها لهذا النفوذ لن تستطيع استخدامه كورقة سياسية”.
وفي حال تم التطبيع فإن “الصراع سوف يكون بين شرق وغرب الفرات، حيث أن تركيا تسعى للحصول على امتيازات بشرق الفرات كما حصلت على امتيازات بغرب الفرات، وهي التوغل في الأراضي السورية بعمق 30 كيلو متراً”، بحسب الباحث السياسي.
ويستبعد “البرم”، أن يؤثر التطبيع على المنطقة الجنوبية لما لها من خصوصية “بسبب وضعها الجيوسياسي”.
ويرى أن “المعارضة السورية في الجنوب السوري لا تزال تحظى بالدعم المعنوي على أقل تقدير من قبل الدول العربية وأميركا التي تعتبرها صمام الأمان في حال تجاوز النظام وحلفائه روسيا وإيران بعض الخطوط التي تزعج المجتمع الدولي”.
إيران في القصة
وبين تقاطع المصالح الدولية يبرز الحديث عن دور إيران في التقارب التركي السوري، وتمدد نفوذ طهران في الجنوب على حدود الأردن وإسرائيل.
ويرى الكاتب الصحفي “قرقوط” أن إيران “أصبحت جزءً من الحكم في سوريا عبر تمددها في جميع مرافق الدولة، ومن الممكن أن يزداد هذا النفوذ بعد هذا التطبيع”.
وقبل أيام، كشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد، أن طهران تدخلت لمنع تركيا من الهجوم على شمالي سوريا، وذلك بعد أن أعلنت تركيا عن نيتها هذه.
ورغم أن التصريحات الإيرانية ذهبت لمباركة التطبيع بين أنقرة ودمشق في أعقاب زيارة عبد اللهيان لدمشق منتصف الشهر الجاري، لكن الباحث حسام البرم يرى أن “إيران غير موافقة حتى الآن على هذا التقارب”.
ويضيف أن إيران “تسعى لعرقلة أي اتفاق، وتجلى الضغط الإيراني على النظام السوري من خلال وقف إمداد البترول مما خلق أزمة في مناطق سيطرته نهاية العام الماضي”.