“تسكيج” السيارات ظاهرة تزداد في مناطق سيطرة الحكومة

دمشق ـ نورث برس

يسير نبهان معلا صاحب سيارة “أفانتي”، في دمشق، بسيارته على “ستوب” مضروب منذ سنوات، وكلما تفقد سعره في السوق يجده مرتفعاً فيُعرضُ عن شراءه حتى وصل إلى سعر جعله يأسف على الفرص التي أضاعها سابقاً.

ومن يترقب السيارات التي تتجول في شوارع سوريا، يظهر له في الحال انتشار طريقة “التسكيج”، التي يلجأ إليها معظم أصحاب السيارات لإصلاح الأعطال الكثيرة والمكلفة.

كأن يعمد بعض أصحاب السيارات إلى تغطية “الستوب” المكسور “بلازق” كبديل عن تبديله بعدما أصبح يكلف ما لا يقل عن 600 ألف ليرة.

نقص كبير

يقول عماد  محمد  صاحب سيارة “كيا ريو”، أن السؤال الآن “ليس عن سعر القطعة المطلوبة، بل عن توافرها”.

ويضيف لنورث برس، أن المشكلة الأكبر هي في نقص القطع ومحدودية الخيارات والأنواع. حيث أن “الغش هو أكثر ما يعاني منه كل من يضطر لشراء أي نوع من قطع الغيار رغم أسعارها المرتفعة”.

وعن أسباب الفوضى الشائعة في سوق قطع السيارات، قال عضو في الجمعية الحرفية لصناعة السيارات، إن هنالك الكثير من الأسباب التي أدت إلى خلق سوق احتكاري بعد خروج غالبية المستوردين الصغار من السوق.

وبين أن السبب يعود إلى “تذبذب سعر الصرف من جهة كحال جميع السلع في سوريا، والسبب الأهم هو الإجراءات التي تم فرضها على طريقة الشحن، حيث تم إلغاء الشحن الجزئي الذي كان يتيح لكل من يستورد الشحن بتكاليف أقل دون الحاجة لفتح إجازة استيراد، وحجز مساحة محدودة في الحاوية تكفي للقطع التي يريدها المستورد”.

تجميد الأموال

وبين المصدر أن فتح إجازة استيراد يحتاج إلى مبالغ كبيرة منها سعر البضاعة الذي يتم تجميدها لمدة لا تقل عن 3 أشهر في البنك المركزي، ليس هذا فحسب، بل على صاحب الإجازة أن يعيد دفع سعر البضاعة ثانية، لأن المبلغ الذي وضعه في البداية سيتم تجميده كل هذه الأشهر.

وهذا المبلغ يتم إيداعه دون الحصول على أي ورقة تثبت أحقية الشخص بالمال الذي وضعه، بحسب المصدر.

وقال المصدر لنورث برس، إن سبب هذا الإجراء يعود لتأمين قطع للبنك المركزي، ولكن النتيجة هي احتكار السوق من قبل بضعة أشخاص لديهم رأس المال الكافي للاستمرار في الاستيراد، وفرض الأسعار التي تغطي التكاليف وتضمن أرباحاً كبيرة لهم بغض النظر عن نوعية القطع التي يتم استيرادها.

وأشار أحد مستوردي قطع الغيار الذين توقفوا عن العمل بسبب ارتفاع التكاليف، أن استيراد قطع الغيار تراجع إلى أكثر من النصف، والأسعار ارتفعت لأكثر من الضعف خلال العام الماضي، رغم الحاجة الكبيرة لقطع الغيار بسبب التوقف عن استيراد السيارات منذ بداية الحرب في 2011، وبسبب استهلاك السيارات وانتهاء عمرها الاقتصادي من جهة، وسوء نوعية السيارات التي يتم تجميعها محلياً من جهة ثانية.

في حين قال ربيع مهنا، صاحب سيارة عمومي، لنورث برس، إن هنالك الكثير من الأسباب التي تؤدي لزيادة استهلاك قطع الغيار، منها “سوء وضع الطرقات وعدم تعبيد أكثرها منذ عقود، الأمر الذي يجعل دوزان السيارة في حاجة دائمة للتغيير، إضافة للحاجة إلى تغيير ميكانيك السيارة أيضاً بسبب أنواع الزيت المغشوشة في الأسواق”.

وأشار “مهنا” إلى أن هنالك حالة من الفوضى في المرور تجعل منظر السيارة الخالية من الضربات الخارجية لافتاً، بل يكاد يجزم الرجل أنه لا يوجد سيارة لا تحمل ضربة يجب إصلاحها لخطورة بعض تلك الإصابات والخشية من تسببها بحوادث في حال سقوطها على الطرقات، ولكن ارتفاع تكاليف الإصلاح يجعل الجميع يسيرون على التوكل، حسب قوله.

مستعملة

وبين عضو الجمعية الحرفية لنورث برس، أن قطع الغيار المستوردة “أكثرها مستعملة”، لأن الشريحة التي تستطيع شراء القطع الجديدة أصبحت “محدودة كثيراً” بعد ارتفاع أسعارها إلى أكثر من مائة بالمائة.

وبين أنه في الكثير من بلدان العالم يتم تبديل السيارة برمتها ولا حاجة لاستهلاك كل هذا الكم الكبير من قطع الغيار كحال الدول التي تسير فيها سيارات يصل عمرها لأكثر من ثمانين عاماً.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله