عمال بأجور يومية يفتقرون للعمل مع تناقص الطلب عليهم والسبب ارتفاع صرف الدولار
الرقة – مصطفى الخليل – NPA
بوجوه مغبرة، أنشبت علامات الفقر والعوز خطوطها القاسية بها، كاشفة بوضوح أمارات الفقر والبؤس، مفترشين الرصيف المقابل لمطاعم الكباب الذي تشتهر به الرقة، والتي لا ينالون منها سوى رائحة الشواء، يترقبون مجيء من يأتي باحثاً عن عامل.
فساحة المتحف الواقعة قبالة بناء متحف الرقة الأثري عند تقاطع شارع المنصور مع شارع القوتلي وسط مدينة الرقة، تُعتبر العنوان الثابت للعاملين في مجال البناء والأعمال اليومية، في الرقة والتي يتواجدون بها منذ ساعات الصباح الباكر إلى فترة الظهيرة، بغية الحصول على عمل.
"لم نستفد منهم شيئاً"
ويبدو أن هذا القادم المحمّل بأمل الحصول على ثمن شراء ربطة خبز، قد منع ارتفاع سعر الدولار مؤخراً أمله من التحقق، رغم المجيء لساحة المتحف التي تفتقد لمن يطلب عاملين مياومين، مما جعل البعض من هذه الفئة بدون أي عمل.
ومنهم العامل صالح محمد ديب /28/ سنة، من أهالي مدينة الرقة، يتحدث لـ"نورث برس" بنبرة ساخطة ناتجة عن وضعه المأساوي، قائلاً" أعيلُ خمسة أطفال، ومنذ أن ارتفع سعر صرف الدولار أصبح العمل ضعيفاً وقليلاً".
ويتابع وهو يضرب أخماساً بأسداس "منذ خمسة أيام لم أعمل، وعندما أتوقف عن العمل لا نستطيع أن نأكل أنا وأطفالي، ولا أستطيع شراء الخبز لهم".
ويتابع صالح بلهجة أشد حدة "زيادة الرواتب لم نستفد منهم شيئاً" في إشارة منه إلى قرار الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا الذي صدر الأسبوع الماضي والمتضمن رفع أجور الموظفين لديها.
وحالة صالح ليست استثنائية في هذه الساحة فمثله الكثيرون ومنهم العامل محمد الأحمد /45/ سنة الذي يعيش ظروفاً أشد قسوة من ظروف صالح، فهو قد نزح من قريته حويجة شنان /26/ كم جنوب شرق الرقة، الواقعة تحت سيطرة قوات الحكومة السورية، بعد أن احترق منزله نتيجة العمليات العسكرية التي دارت في تلك المنطقة، ليقطن وعائلته في بيت مهدم في مدينة الرقة.
يقول محمد" أعيل خمسة أطفال ولا يوجد لدي مهنة معينة أعتمد عليها، فأنا عامل عادي، أعمل يومياً، وأظل بدون عمل في بعض الأحيان لمدة عشرة أيام".
ولم يحصل محمد على مساعدات من أي جهة، وقام بالتسجيل في منظمة "الناس بحاجة"، ولم يستفد منهم شيئاً حتى الأن، حسب قوله.
وينهي محمد حديثه قائلاً "لقد متنا من الجوع".
وحسين مرعي الحميدي /42/ عاماً من سكان حي رميلة في شمال شرق مدينة الرقة، يتواجد في ساحة المتحف بشكل يومي منذ السادسة صباحاً بُغية الحصول على عمل.
ويقول حسين" البارحة قام كومين الحي الذي أسكن به بتوزيع مساعدات للأهالي، وبالرغم من أنني عامل ووضعي المادي سيء للغاية لم أستلم أي شيء من تلك المساعدات، فغالبيتها ذهبت لموظفي النظام والإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا".
وعن الأجور التي يتقاضاها العمال المتواجدون أمام المتحف يقول حسين "كانت أجورنا اليومية عندما نحصل على عمل تصل إلى /1500/ ليرة سورية، ولكن بعد ارتفاع سعر صرف الدولار فإن هذا المبلغ لم يعد يساوي شيئاً، ولا يلبي أبسط احتياجاتنا اليومية من طعام وشراب".