تكاليف إضافية في زمن صعب.. أهم نتائج فرض دمشق السجل التجاري

دمشق ـ نورث برس

ينظر الكثير من أصحاب الفعاليات الاقتصادية بالريبة إلى قرار وزارة التجارة الداخلية في الحكومة السورية، القاضي بمنع ممارسة بيع الجملة ونصف الجملة والمفرق لأي سلعة كانت بدون سجل تجاري حديث، وحددت مهلة التنفيذ بما لا يتجاوز منتصف الشهر الجاري، مع التهديد بعقوبات بحق المخالفين على القانون رقم 8 لعام 2021 الذي يتضمن الغرامات والسجن للمخالفين.

سامي حسين صاحب محل أحذية في طرطوس وصف هذا القرار بـ”السيء”. وقال لنورث برس إن “تكاليفه المادية كبيرة، في زمن بالكاد يتمكن أصحاب المحلات المسـتأجرة خاصة من تأمين المصروف الشهري للمحل”.

وأضاف “حسين” أن معظم المحلات التي يعمل فيها باعة المفرق في الساحل هي إيجار بالتراضي بين الاثنين، “وهذا القرار يجعل الأمر غير ممكن، وأصبح المطلوب مع القرار الجديد يحتاج إلى عقود وهذا يعني رسوماً كبيرة وضرائب جديدة”.

أما النقطة الثانية التي أشار إليها “حسين”، فهي موضوع الخشية من رفع الدعم عمن لديه سجل تجاري، “وهذا يعني أعباء إضافية في الحياة لا طاقة للناس بها”.

ويتوقع صاحب محل الأحذية، أن السجل التجاري يشترط الحصول على ورقة غير موظف، وبالتالي منع أي موظف من العمل في التجارة، وتحسين مستوى دخله.

ويصف “حسين” هذا الإجراء بأنه ضرائب جديدة تشبه عمليات الابتزاز والتشليح، ومزيد من التعقيدات بوجه الشريحة الأقل دخلاً. خاصة أن هذا السجل لا يقدم أي خدمة للذين سيتكلفون كل هذه الأعباء للتسجيل فيه.

المطلوب

للحصول على السجل التجاري يجب تقديم بيان عن ملكية العقار الخاصة، والقيد العقاري ومساحة العقار، إضافة إلى مخطط إفراز معماري، وبيان تكليف ضريبي بناء على إحالة من مديرية التجارة الداخلية، ليصار بعدها إلى إجراء كشف على المحل التجاري من قبل موظفين من التجارة الداخلية، أو البلديات أو الخدمات الفنية، وكل هذا على نفقة مقدم الطلب، وتقدر هذه التكاليف بما لا يقل عن المليوني ليرة.

وهذا يعني أنه لا يمكن الحصول على السجل التجاري في المناطق العشوائية والأرياف، حسب قول رئيس بلدية في ريف دمشق، وطالما أن أكثر من 40% من المناطق المحيطة بدمشق هي مناطق مخالفات فهذا سيعني رحلة جديدة من البحث عن كيفية تسوية أوضاع أصحاب هذه المحلات.

لكل هذا يقول صاحب محل عطورات في إحدى مناطق المخالفات بدمشق، لنورث برس إن الحكومة “لا ترحم ولا تترك رحمة الله تنزل” فهم لا يقدمون أدنى الخدمات للناس، أو فرص عمل، “وبالوقت ذاته يتتبعون من لهم مصلحة أو صنعة لمحاصصتهم وتشليحهم أموالهم!”.

الإغلاق

في حين يقول محمد قدور، صاحب محل ألبسة في دمشق، أن الكثير من المحلات عليها “مشاكل ملكية”، ويتساءل: “فماذا يعمل الذين يستثمرون محلات غير مثبتة الملكية منذ ثلاثين عاماً، لأسباب كثيرة، كهجرة قسم من أفراد العائلة، أو بسبب الخلافات العائلية؟”.

يضيف “قدور” أن الإغلاق سيكون “الحصيلة الأكبر” لنتائج هذا القرار، أو العمل بشكل مخالف تحت تهديد المخالفات والتعرض للابتزاز مقابل غض الطرف عن التسجيل.

وكان الأجدى بالوزارة، بحسب “قدور”، “دعم صغار الكسبة، وليس مطالبتهم بسجل تجاري، والاكتفاء بتطبيق هذا القرار على التجار الكبار والشركات والمصانع، ولكن ربما البحث عن مطارح ضريبية جديدة لا يقيم أي اعتبارات لمشاكل هذه القرارات”.

وبين أنه يجب الفصل بين موضوع تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، وتجديد أو استصدار السجل التجاري، لأن هذا يدفع البعض لتسجيل نفسه وأولاده كعمال وموظفين، وهذا أيضاً نوع من الالتفاف الضروري على القانون.

ظروف ضاغطة

وفي تصريح لعضو في غرفة تجارة دمشق، قال لنورث برس، إن هذا القرار أصدرته وزارة التجارة كـ”تنويه” لكنه في الحقيقية “قرار إلزامي، تكاليفه المالية كبيرة، لأنه يلزم أصحابه بتسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، وغرف التجارة، ولا يمكن استثناء تسجيل العمال إلّا بتعديل نص المرسوم”.

وأشار إلى أن غرفة التجارة طالبت بسجل تجاري دون عمال، وكان الجواب أنه يمكن لكل صاحب محل أن يسجل نفسه كعامل، بالتالي كل هذه التكاليف تجعل الغالبية أمام خيارين إما الإغلاق أو العمل بشكل مخالف وإرضاء كل من يراجع ويدقق من تحت الطاولة.

وبين التاجر لنورث برس، أن هذه الإجراءات “تزيد من تعقيدات العمل الحالية في ظروف اقتصادية ضاغطة على الجميع وتنتهي بمزيد من الإغلاقات وتسريح العمال أو الخوف الدائم من العقوبات والعمل على دفع المزيد من الرشى والفساد”.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله