خولة.. من المعنّفات والضحايا اللواتي يكبّلهن الصمت

دمشق – صفاء عامر – NPA

 

جاء في تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أنّ العنف ضدّ النساء والفتيات يشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان, وتُقدّر منظمة الصحة العالمية أنّ /37/ % من النساء اللائي كان لهن شريك في أيّ وقتٍ بالماضي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، قد تعرّضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الشريك في مرحلةٍ ما من حياتهن.

 

فيما تسود أشكال أخرى من العنف في المنطقة منها جرائم القتل المتعلقة بـ"الشرف والزواج المبكر والقسري والمؤقت، والتحرش الجنسي في الأماكن العامة؛ والممارسات الضارة مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث".

 

ومع الحروب والأزمات التي تعيشها المنطقة, وصل العنف ضدّ النساء ومن بينهن السوريات  لمستوياتٍ أقسى من ذي قبل, إذ لا تكفي مصطلحات القتل والتهجير والفقد وغيرها لتصف ما تعانيه المرأة السورية.

 

هناك قصص كثيرة يمكن أن تروى عن جسد يُقدَّم مقابل بقائه حياً، ونساءٍ يعشنَّ في نفق الخوف تحت حصار الأعراف، وكرامتهن ترقد في جيوب رجالهن.

 

تروي خولة م.ح، والتي رفضت أن يتم تصويرها، ببرودة أعصابٍ تارة، وبحماسٍ منقطع النظير تارةً أخرى قصتها لـ"نورث برس"، لكنها كانت واثقةً من كل كلمة خرجت من ثغرها وفؤادها.

 

تقول "منذ أن فتحت عينيي على هذه الحياة عشت في ميتم, يتيمة الأب والأم, وبعمر /15/ سنة تعرفت على شاب, طلب يدي للزواج, وكان زواجاً قانونياً وتعهد بحمايتي ورعايتي, وبعد شهر من زواجنا حملتُ بطفلي الأوّل".

 

تتوقف خولة عن الحديث لدقائق لتمسح عينيها ثم تتماسك مستأنفة حديثها "وبعد الزواج بشهرين بدأ الشاب يتغير صار يضربني بكل قسوةٍ ويهينني بأصلي بأقذر العبارات وحتى خلال العلاقة الحميمية بيننا كان يلجأ لضربي بطريقةٍ جنونيةٍ بدون أيّ مبررٍ, صبرت كثيراً على كل ذلك  حتى يوم ولادتي بطفلي".

 

وتتابع خولة قصتها أنّ زوجها كان يغيب عنها لفتراتٍ طويلةٍ، مضيفةً "اتصل بي في أحد الأيام بعد غياب دام لأكثر من أسبوع وبدل أن يسألني عن حالي قال لي إنه لم يعد يرغب بي كزوجة وفور عودته سيطلقني".

 

تؤكّد خولة أنّها خلال تلك الفترة تواصلت مع مديرة الميتم والتي بدورها قدمت لها النصيحة بأن تقبل الطلاق وتعود للميتم وهم سيقومون بمساعدتها بما تحتاجه.

 

تعلق خولة، أنّ زوجها وعائلته رفضوا إعطاءها طفلها الذي لم يبلغ من العمر سوى أشهر، وتقول إنّها من باب الحب والمودة بقيت تتواصل مع زوجها قبل أن يحدث الطلاق في المحكمة على أمل أن يتغير.

 

بعد أقل من شهرٍ حصل الطلاق وحصل الزوج على حضانة الطفل بحكم أنها تعيش في الميتم.

 

لم تنتهي قصة خولة بعد طلاقها وخلاصها من تعنيف زوجها إذ بدأ تعنيفٌ مجتمعيٌ آخر لها كونها تعتبر مطلقةً، وتقول "قررت أن أخرج من الميتم لأعمل وأكسب المال لأعيش، وبدأت العمل فترةً بمطعمٍ دوام عشر ساعاتٍ وبأجر بسيطٍ جداً وتعاملٍ سيء من المدير وإهانته لفظياً لي".

 

وتتابع: "بعدها تعرفت على دكتور وزوجته بالمطعم وأخبرتهم عن قصتي فعرضوا عليَّ أن أعمل كمدبرة منزلٍ عند امرأة كبيرةٍ بالعمر وحصلت من العمل على أجرٍ جيدٍ ومأوى وبدون أيّ استغلال خاصةً بعد إقامتي فترة عند إحدى صديقاتي التي تعرضت خلالها لمضايقات من زوجها".

 

ترى خولة أنّ مشوارها صعب وطويل لكنها ستتحمل وتصبر كُرمى لولدها واسترداد حضانته لها.

 

تختم حديثها بقولها "البقاء على قيد الحياة لا يعني البقاء على قيد الإنسانية، هناك أنواعٌ للموت، أكثرها عذاباً حين يبقى المرء حياً بينما يكون داخله ميّتاً".