حماة ـ نورث برس
“عندما تصلحها فإنها تنعش المنطقة بأكملها”، بهذه الجملة، وصف محمد عهد، مدير قسم النواعير في حماة، وضع النواعير التي انطلقت أعمال ترميمها الشهر الماضي.
وبداية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، انطلقت أعمال ترميم النواعير، التي يعود تاريخها إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي/ في محافظة حماة وسط سوريا.
وطاحونة رفع المياه (الناعورة)، هي منظر مميز لمدينة حماة جنباً إلى جنب مع دواليب المياه الخشبية القديمة المسماة “نورياس”، والتي تصطف على نهر العاصي.
يقول “عهد”: “نحن الآن عند مدخل الطوافره الملاصق للمعمورية الناعورية، وهي تحت الصيانة حاليا بقطر 21 متراً وتعتبر ثاني أكبر ناعورة في حماة”.

ويشير مدير قسم النواعير، إلى أن انهيار النواعير كان “بسبب العوامل الجوية” لذلك “نقوم بالصيانة واستبدال الأجزاء التالفة بأخرى جديدة”.
وحول نوع الخشب المستخدم في الترميم، يضيف “عهد”: “كنا نعتمد على خشب الجوز، ولكن نتيجة للحرب التي ابتليت بها سوريا، أصبحت نادرة في الأسواق وباهظة الثمن”.
ويقول: “لذلك نعتمد حاليًا على خشب الأوكالبتوس والحور والكينا، علاوة على ذلك، نحاول الآن زرعها على ضفاف نهر العاصي وبعض الأماكن، إذ من الممكن أن يخفف ذلك من العبء على مجلس المدينة”.
تم تأريخ العديد من عجلات المياه، ويمكن أن يُنسب بناؤها إلى الأمراء أو الولاة الذين أنشأوها لري ممتلكاتهم أو لتزويد القصور أو المساكن أو المساجد.
ويضيف “عهد”: “عندما لا تعمل العجلة فهي مثل الميت وعندما تصلحها تنعش المنطقة كلها”.
حازم جركس، مدير دائرة الآثار في محافظة حماة، يقول إن “نواعير حماة قديمة قدم التاريخ”.
ويشير إلى أن لوحة الفسيفساء، التي تم كشف النقاب عنها في مدينة أفاميا عام 1461، كشفت أن النواعير (عجلات المياه) تعود إلى العصر الآرامي.
وفي عام 1369، حددت اليونسكو أن النورياس تعود إلى العصور الوسطى، وتزامن بناؤها مع الاستيطان البشري حول نهر عاصي.
ويوجد في حماة 117 ناعورة، 16 منها تعمل. عند مدخل “الطوافره” المجاور للمعمورية الناعورية وهي حالياً تخضع للصيانة.
ويبلغ قطرها 21 متراً وهي ثاني أكبر ناعورة في حماة. وقد تعرضت بعض الأخشاب في عجلة المياه للتلف بفعل عوامل الطقس، “ولذلك فإننا نجري الصيانة واستبدال الأجزاء التالفة بأخرى جديدة”، بحسب “جركس”.
وتعود إحدى النواعير تسمى المعمرية إلى عام 1453، بينما يرجع تاريخ أقدمها إلى عام 1361 ، وهي المحمدية.
ولشدة فرحهم بسبب قرب عودة النواعير للعمل، قال رئيس العمال، محمد سلطان، “لقد نسينا تعبنا في هذه اللحظة”.

وأضاف “سلطان”: “النواعير هي تراث حماة وإرثها. حماة مرتبطة بالنواعير. نحن نمارس هذه المهنة منذ 23 عامًا، وكل جيل يعلمها للجيل التالي”.
وبالرغم من أنها “مهمة صعبة”، لا يزال هناك أشخاص يرغبون في تدريب أنفسهم وتعلم المهنة حتى لا تتبدد، بحسب رئيس العمال.
ويصف “سلطان” النواعير التي لا تعمل عجلة مياهها بشخص “ميت”، ولكن “عندما تحييه تنعش المنطقة كلها وننسى تعبنا في هذه اللحظة”.