أبرز المنعطفات التي شهدتها مناطق الإدارة الذاتية خلال 2022

مركز الأخبار – نورث برس

شهدت مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، منعطفات كثيرة على مختلف المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية خلال عام 2022.

وكان الملف العسكري الأكثر سخونة إذ تصدَّر المشهد نتيجة الهجمات المكثفة لتركيا وتنظيم الدولة الإسلامية ‘‘داعش’’، على مناطق في شمال شرقي سوريا.

عسكرياً

وذكرت قوات سوريا الديمقراطية، في بيانها السنوي، أن عام 2022 كان الأكثر دموية وضرراً من الناحية المادية والجسدية على السكان جراء الانتهاكات التركية منذ اجتياحها لمنطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، أواخر عام 2019.

وبلغ عدد الهجمات والانتهاكات بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والمسيرات التركية خلال عام 2022 بلغت 17.596 انتهاكاً، فقد على أثرها 59 مدنياً، بينهم 12 طفلاً و5 نساء، لحياتهم، بالإضافة إلى إصابة 263 آخرين.

وكان الهجوم الأبرز، عندما شنت تركيا في الـ 20 من تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، هجمات جوية وبرية ضد مناطق عدة في شمالي وشمال شرقي سوريا، مستهدفة موارد المنطقة الاقتصادية وخاصة النفطية، إضافة إلى نقاط تمركز للجيش السوري وقرى حدودية آهلة بالسكان.

وقال الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، حينها في تصريحات إعلامية، إن ‘‘الهدف الحقيقي’’ للغزو البري العسكري المحتمل لتركيا هو مدينة كوباني، بهدف ربطها بمدينة أعزاز شمالي حلب وبمدن أخرى كانت قد “احتلتها” عام 2019.

وأشار إلى أنهم “جاهزون لأي هجوم تركي وستكون المعركة مختلفة عن سابقاتها، وأردوغان يعادي كوباني منذ المعركة ضد داعش”.

بينما ذكر أن عملياتهم ضد القوات التركية هي ضمن الأراضي السورية، “لكن إذا ما بدأت تركيا الحرب ستشتعل الحدود السورية التركية بأكملها”.

وبينت ‘‘قسد’’ في البيان، أن “عدد قتلى الجنود الأتراك في إطار الرد المشروع، بلغ 44 جندياً، و 22 مسلحاً من فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا”، خلال العام الفائت.

كما قالت قوات سوريا الديمقراطية، خلال بيانها الصادر في الـ 28 من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، إنها نفذت بالتنسيق مع التحالف الدولي، 113 عمليّة في الحسكة ودير الزور والرقة ومنبج وأريافهم، اعتقلت على أثرها 267 عنصراً بينهم قادة ومتعاونون مع “داعش”.

ونفذ تنظيم “داعش” 176 عملية تضمنت (هجمات انتحارية – عبوات ناسفة – ابتزاز المدنيين)، وفق البيان.

وذكر البيان مقتل 387 عنصراً بينهم 375 عنصراً من الذين هاجموا سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة مطلع العام الماضي.

وفي الـ 20 من كانون الثاني / يناير 2022، شن تنظيم “داعش” هجوماً على سجن الصناعة في الحسكة، أسفر بعد أسبوع من الهجمات، عن مقتل 374 من داعش، بينما فقد 77 من عمّال السجن وحراسه و40 مقاتلاً و4 مواطنين حياتهم، وفق بيان ‘‘قسد’’.

وفي الـ 26 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، هاجم مسلحون للتنظيم مركزاً لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) في مدينة الرقة، أسفر عن فقدان 6 مقاتلين من الأسايش وقوات سوريا الديمقراطية لحياتهم.

اقتصادياً

على المستوى الاقتصادي، شهدت مناطق الإدارة الذاتية تطوراً ملحوظاً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية ودعم مختلف القطاعات.

وبعد موسم زراعي ثانٍ وصف بـ‘‘الكارثي’’ بسبب الجفاف، استحدثت الإدارة الذاتية هيئة الزراعة والري وفصلتها عن هيئة الاقتصاد، مطلع العام 2022، لإيلاء أهمية قصوى لهذا القطاع، كونه مرتبط بشكل مباشر بالأمن الغذائي للسكان، بحسب ما قاله سلمان بارودو، رئيس هيئة الاقتصاد في وقت سابق من العام الماضي.

وشهدت مناطق الإدارة الذاتية عجزاً في المخزون الاحتياطي من القمح قدره من 300 إلى 400 ألف طن، “وهذا ما دفعنا لخلط الطحين بدقيق الذرة بنسبة 20% لتفادي وقوع نقص في مادة الخبز”، بحسب أمل خزيم، الرئيسة المشاركة لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية.

كما زادت الإدارة الذاتية أجور العاملين في مؤسساتها بقيمة 100 ألف ليرة سورية، في الـ 30 من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، ليبلغ راتب الموظفين حوالي 370 ألف ليرة سورية، باستثناء رواتب قوى الأمن الداخلي والعاملين في القوات العسكرية إذ يتقاضون أجوراً أعلى.

في حين، افتتحت هيئة الصحة أربعة مشافٍ ومستوصفات في مناطق دير الزور والرقة والشدادي، لتقديم الرعاية الصحية للسكان، ولا سيما هذه المناطق التي تعرضت للتدمير جراء الحرب ضد “داعش”.

كما أعلنت هيئة الصحة في إقليم الفرات في الـ 19 من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، بدء أعمال بناء المشفى العام في مدينة كوباني، وفق مرحلتين تنتهيان خلال عام ونصف، ويستوعب المشفى 180 سريراً.

إلى ذلك، افتتحت هيئة الصحة في إقليم الجزيرة، أول معمل للأوكسجين الطبّي في مدينة القامشلي، بطاقة إنتاجية تصل 300 أسطوانة في اليوم الواحد، في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.

وخلال عام 2022، نفذت الإدارة المحلية والبيئة في الإدارة الذاتية الكثير من أعمال البنية التحتية الخاصة بتعبيد وتأهيل الطرقات العامة، أبرزها إنهاء طريق أبيض الواصل بين منطقة الجزيرة ومدينة الرقة.

وفي شهر آب/ أغسطس الفائت، بدء العمل في إنشاء طريق جديد على امتداد مدن وبلدات خط مدينتي ديرك والقامشلي بطول 100 كم، يخدم أكثر من 500 قرية ويعتبر صلة الوصل بين معبر سيمالكا الحدودي ومدن إقليم الجزيرة.

وفي الـ 5 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، باشرت بلدية الشعب في مدينة الحسكة، العمل بمشروع أكبر حديقة في شمال شرقي سوريا، بمساحة 45 دونماً، ومن المقرر أن ينتهي العمل فيه بداية شهر نيسان/ أبريل 2023.

سياسياً

شهدت مناطق الإدارة الذاتية انفتاحاً دبلوماسياً على دول، خاصة بعد سحب تلك الدول رعاياها من نساء وأطفال عوائل تنظيم ‘‘داعش’’ من شمال شرقي سوريا.

وأعلنت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، خلال مؤتمر صحفي، نهاية العام الفائت، تسليم515   شخصاً من أطفال ونساء عوائل التنظيم إلى 13 دولة في 2022.

وأوضحت أن الدول التي سجلت أكثر سحب لرعاياها، هي طاجيكستان (146)، وفرنسا (109)، وروسيا الاتحادية (68)، وألمانيا (53) وهولندا (60).

ويتواجد نحو 20 ألف شخص من 50 جنسية تقريباً من عائلات تنظيم ‘‘داعش’’ في مخيمي ‘‘الهول’’ و‘‘روج’’ شمال شرقي سوريا.

وذكر البيان، أن نشاط دائرة العلاقات الخارجية زاد في المحافل الإقليمية والدولية، “وسط انفتاح دبلوماسي ملموس خلال العام الفائت سياسياً وأمنياً وإنسانياً”.

كما لفتت دائرة العلاقات الخارجية إلى أنه خلال عام 2022 حصلت زيارات إلى دول آسيوية والشرق الأوسط ودول عربية وأوروبية، جرى خلالها لقاءات مع شخصيات ومؤسسات مدنية وحكومات وأحزاب، بهدف “التعريف أكثر بالإدارة الذاتية وفضح الانتهاكات التركية على مناطقها”.

وكان الحدث الأبرز الذي تصدر المشهد في المنطقة، زيارة بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى شمال شرقي سوريا ولقاءه الجنرال مظلوم عبدي ومسؤولين في حزب الاتحاد الديمقراطي.

وفي إطار الملف السوري، قالت الإدارة الذاتية إنها لا تزال متمسكة بمبادئها نحو تعزيز الحوار الوطني السوري.

وذكرت أنه حصلت بعض اللقاءات مع دمشق بوساطة روسية لكن ‘‘لم تثمر تلك اللقاءات حتى اللحظة عن أي جديد’’، وفق بيان العلاقات الخارجية السنوي.

فيما أوضح مجلس سوريا الديمقراطية موقفه من لقاء وزيري الدفاع التركي والسوري برعاية روسية في موسكو في الـ 28 من كانون الأول/ ديسمبر الفائت.

وقال علي رحمون، عضو الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية، في تصريح خاص لنورث برس، إن “حكومة دمشق برعاية روسيا تبتز قوات سوريا الديمقراطية لتسليم بعض المناطق لها، أو تدخل تركيا لهذه المناطق”.

فيما قال حسن محمد علي، عضو الهيئة التنفيذية في ‘‘مسد’’، في تصريح سابق، إن مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية “تحولوا إلى رقم صعب في المعادلة السياسية لا يمكن التخلي عنه في حل الأزمة السورية”.

إعداد وتحرير: دلسوز يوسف